بعد مرور أربعة أيام على خطفه في مدينة غزة، ما زال مصير الفني الفرنسي من اصل عربي محمد وضحي الذي يعمل للشبكة الثالثة في التلفزيون الفرنسي مجهولا. وما يزيد من غموض الوضع أن الجهة الخاطفة لم تصدر أي بيان تتبنى فيه عملية الخطف التي تمت عصر الأحد الماضي عندما كان الفني التلفزيوني عائدا الى الفندق مع ثلاثة من زملائه.
وحتى الآن، امتنعت إدارة التلفزيون المذكور عن الكشف عن اية معلومات إضافية عن عملية الخطف أو عن وجود إتصالات مباشرة مع الجهة الخاطفة. وقامت بالمقابل بإصدار بيان طالبت فيه بإطلاق سراح المخطوف فورا وبتشكيل لجنة من داخل المحطة لمتابعة الموضوع مع الحكومة الفرنسية فيما ابقت على فريقها الإعلامي في غزة ليس لتغطية الإنسحاب الإسرائيلي بل للإبقاء على قناة اتصال ميدانيا. والتفاصيل الوحيدة المعروفة عن عملية الخطف تتمثل في ما قاله زملاء وضحي الذين أفادوا ان ثلاثة مسلحين شبان مكشوفي الوجوه دفعوه الى داخل سيارة عند عودتهم الى فندقهم في غزة وأكدوا أنهم (أي الثلاثة) نجحوا في الإفلات من الخاطفين.
ومع مرور الوقت، تزداد مخاوف الحكومة الفرنسية التي أعلنت، منذ الإثنين الماضي، أنها «معبأة» لضمان إطلاق الفني التلفزيوني المخطوف. وبلغ قلقها درجة دفعت برئيس الجمهورية جاك شيراك للإتصال برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليل الثلاثاء ـ الأربعاء للطلب منه «القيام بكل ما هو ممكن» للإفراج عن وضحي. ومن جهته، اتصل وزير الخارجية فيليب دوست بلازي بنظيره ناصر القدوة ليبحث معه الموضوع. وقال بلازي، في مؤتمر صحافي أمس، إن «جميع المسؤولين الفلسطينيين شددوا على تعبئتهم الكاملة حول هذه المسألة» وأن باريس تتعاطى مع عملية الخطف بالتعاون مع السلطة الفلسطينية. وامتنع بلازي عن إعطاء اية تفاصيل مكتفيا بالقول إن الجهات المعنية «تتحقق في الوقت الحاضر من عدد من المعلومات». وشدد وزير الخارجية الفرنسي على ضرورة «التكتم» لإطلاق سراح الفني المخطوف «بأسرع وقت».
ويقوم قنصل فرنسا العام في القدس رجيس كوتشت بتنسيق الاتصالات. وكانت الخارجية الفرنسية قد أدانت عملية الخطف وطالبت بالإفراج الفوري عن الصحافي المخطوف. ويرجح في باريس أن تكون عملية الخطف غير سياسية ومندرجة في سياق عمليات الخطف التي جرت في الأشهر الأخيرة في غزة وطالت موظفين دوليين. من جانبها تؤكد اجهزة الأمن الفلسطينية انها لم تتوصل بعد الى اي مؤشر يقود الى خاطفي فني الصوت محمد وضحي الذي يعمل مع قناة فرنسا 3 والذي فقد اثره قبل ثلاثة ايام في مدينة غزة، رغم استنفار كل طاقاتها للكشف عن ملابسات هذه العملية.
واختطف محمد وضحي مساء الاحد بالقرب من فندق كان ينزل فيه مع زملائه قرب شاطىء غزة من قبل مسلحين كانوا يستقلون سيارة تبين انها تحمل لوحة مسروقة، كما اكد المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية توفيق ابو خوصة.
وقال ابو خوصة «كل اجهزة الأمن والشرطة والمباحث تعمل 24 ساعة على 24 في متابعة هذا الموضوع لكن رغم هذا الجهد لم نعثر على اي دليل او مؤشرات للاشخاص الذين نفذوا عملية الخطف او مكان احتجازه». واضاف «لا يوجد اي اتصال من جانب الخاطفين». وقال انه «بالاضافة الى حرصنا على حياة المواطن الفرنسي، نشعر ان العمل اساءة موجهة مع سبق الاصرار ومحاولة للمس بمصداقية السلطة في هذا الوقت الذي تسلط كل عيون العالم على اداء السلطة وموضوع الانسحاب الاسرائيلي» من قطاع غزة.
وقال ان وزير الداخلية والأمن الوطني نصر يوسف «يتابع هذا الموضوع مع جميع قادة الاجهزة وهناك تعاون من الفصائل ومن المواطنين، والجميع يبحث عن اي مؤشر او معلومة قد تقود للافراج» عن المختطف.
ووصل أمس الى غزة الان رودييه مساعد المحرر المسؤول عن قسم اوروبا والعالم في قناة فرنسا 3 التي كانت ارسلت اربعة صحافيين وفنيين الى غزة.
ويثير اختطاف الفني وعدم اعلان اي جهة مسؤوليتها عن عملية الخطف تساؤلات عدة حيث ان عمليات الخطف السابقة التي استهدفت اجانب في قطاع غزة كانت كلها تنتهي خلال بضع ساعات. ولم يسبق ان تعرض اي من المخطوفين للاذى. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس استنكر عملية الخطف متوعدا بانزال العقاب بمرتكبيها، كما استنكرتها الفصائل الفلسطينية التي حمل بعضها السلطة الفلسطينية المسؤولية واتهمها بالتقصير في حماية الصحافيين الاجانب الذين يقوم المئات منهم حاليا بتغطية اجلاء المستوطنين من قطاع غزة.