أعربت لجنة حماية الصحفيين الدولية أمس الثلاثاء في رسالة إلى السيد نيجيرفان
برزاني رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان عن انزعاجها لانتهاكات حرية الصحافة في الإقليم.
وتالياً نص الرسالة التي تضمنت عدداً من حالات انتهاك حرية الصحافة مذيلة بتوقيع
جويل سايمون المدير التنفيذي للجنة الدولية:
تود لجنة حماية الصحفيين أن تلفت انتباهكم إلى تدهور حرية الصحافة في إقليم
كردستان. فثمة موجة مقلقة من الدعاوى الجنائية ذات الدوافع السياسية المرفوعة بحق
الصحفيين ولا سيما المستقلين منهم فضلا عن الانتهاكات الصارخة لقانون الصحافة
الجديد في الإقليم. فالبرغم من أن القانون الجديد لا يتضمن أي بند ينص على حبس
الصحفيين إلا إنهم ما زالوا يودعون السجن.
وتشعر لجنة حماية الصحفيين ببعض الاطمئنان جراء اتخاذ حكومتكم بضع خطوات في
سبيل تعزيز حرية الصحافة في إقليم كردستان، بما في ذلك إقرار قانون الصحافة في شهر
أيلول/ سبتمبر 2008. كما أفادت تقارير صحفية محلية في 27 نيسان/ إبريل باتخاذ قادر
حمه جان، مدير جهاز الأمن العام(الآسايش)في السليمانية، قرارا بإسقاط جميع الدعاوى
المرفوعة ضد الصحفيين من قبلالآسايش في محافظةالسليمانية. وإذ ترحب لجنة حماية
الصحفيين بهذا القرار فإنها تحث جميع الوكالات الحكومية على أن تحذو حذوه.
وفي 29 نيسان/ إبريل، انعقدت أول جلسة في إطار محاكمة اثنين على الأقل من
المشتبه في تهمة التخطيط لاغتيال أحمد ميره، رئيس تحرير مجلة لڤین الصادرة في
السليمانية. وقد صرح أحمد ميرا للجنة حماية الصحفيين بأن سعادتكم قد اتصلتم به
عندما بثت الصحافة الكردية نبأ الاعتقالات في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2008 وذلك
للتعبير عن تأييدكم لقضيته. وفي هذا الصدد، تعرب لجنة حماية الصحفيين عن تقديرها
لهذا الدعم. وتتابع اللجنة مجريات المحاكمة عن كثب، وتدعو السلطات المعنية لضمان
أن تكون المحاكمة عادلة وعلنية.
لكن رغم هذه الخطوات الإيجابية، أطلع زيراككمالمن نقابة الصحفيين
الكردستانية لجنة حماية الصحفيين على قيام النقابة بتوثيق 31 دعوى قضائية تم رفعها
منذ كانون الثاني/ يناير بحق الصحفيين في الإقليم، ومن بين هذه الدعاوى هناك 26
دعوى أقيمت بموجب قانون العقوبات لسنة 1969 والذي توقف العمل به. وتشير تحريات
لجنة حماية الصحفيين إلى أن أكثر من 50 دعوى قضائية تم رفعها ضد الصحفيين خلال هذا
العام وحده.
تعرب لجنة حماية الصحفيين عن قلقلها بوجه خاص إزاء دعوى رفعتها في 23 نيسان/
إبريل وزيرة شؤون الشهداء والمؤنفلين جنار سعد ضدنهبهز گۆران، رئيس تحرير مجلة
جيهان، بتهمة التشهير. حيث تطالب الوزيرة بمبلغ قدره مليار دينار عراقي (859,000
دولار أمريكي) كتعويض عما لحق بسمعتها من أضرار. أما القضية فقد نجمت عن مادة
إخبارية نشرتها المجلة وذكرت فيها بأن الوزيرة قامت برحلة إلى لندن استمرت مدة
شهرين. وقد أكد مكتب الوزيرة للمجلة هذا الخبر. كما يواجه نهبهز ما لايقل عن 17
تهمة أخرى لنشره عدة مقالات في الصحف، ومن بين هذه التهم أربع تم توجيهها له في عام
2009. وقد أقيمت معظم هذه الدعاوى من قبل مسؤولي الحكومة والأحزاب. ونحن نناشدكم
أن تحثوا المسؤولين والوكالات الحكومية المعنية على إسقاط هذه الدعاوى القضائية
ذات الدوافع السياسية.
أما تطبيق قانون الصحافة فلم يكن بلا مشاكل. فمن أبرز ما جاء به قانون
الصحافة هو أنه لا ينص على عقوبة الحبس للصحفيين المتهمين بجرائم الصحافة. غير إن
تحريات لجنة حماية الصحفيين كشفت النقاب عن عدة قضايا قام فيها القضاة ببساطة
بتجاهل قانون الصحافة وتوجيه الاتهام للصحفيين وإدانتهم بموجب قانون العقوبات
العراقي لسنة 1969.
ومنذ 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2008، وهو اليوم الذي دخل فيه قانون الصحافة
الجديد حيز النفاذ رسميا، وثقت لجنة حماية الصحفيين الانتهاكات التالية:
أُدين شوان داودي، رئيس تحرير صحيفة ههواڵ الصادرة في كركوك، بتاريخ 4
تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 بثلاث تهم بالتشهير بسبب مقال نشره في عام 2004 تناول
فيه مشاكل دار القضاء. وأودع السجن في اليوم التالي ليقضي حكما بالحبس لشهر واحد
بموجب قانون العقوبات لسنة 1969. وبعدما أمضى ثمانية أيام وراء القضبان، نقضت
محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه.
حكمت محكمة في أربيل بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 على عادل حسين،
طبيب وصحفي مستقل يعمل لدى صحيفة هاوڵاتیالمستقلة، بالحبس مدة ستة أشهر بتهمة
انتهاك العرف العام بموجب قانون العقوبات لسنة 1969 إثر نشره لمقال في شهر نيسان/ إبريل
2007 في هاوڵاتیعن اللواط والصحة. وقد عفا عنه الرئيس مسعود البارزاني في اليوم
السابق ليوم العيد. وتم الإفراج عن عادل حسين في 9 كانون الأول/ ديسمبر.
في 7 كانون الثاني/ يناير، اعتقلت قوات الآسايش جاسم محمد وهو صحفي ومدير
شعبة الإعلام التابعة للاتحاد الإسلامي الكردستاني في زاخو على خلفية "البث
دون الحصول على ترخيص"، وأطلقت سراحه بعد ستة أيام بكفالة قدرها 10 ملايين
دينار عراقي (8,650 دولار أمريكي). وقال جاسم للجنة حماية الصحفيين بإن المحطة
التلفزيونية حديثة التأسيس كانت تختبر معدات الإرسالعندما اقتحمت قوات الآسايش
المبنى وألقت القبض عليه. وهو يواجه تهما بموجب المادة 240 من قانون العقوبات
العراقي لسنة 1969 تتمثل في "عصيان الأوامر الرسمية."
ألقي القبض على كاوه گهرمیانی، وهو صحفي يعمل لدى مجلة خهون، يوم 28
كانون الثاني/ يناير حسبما أفاد للجنة حماية الصحفيين وذلك إثر قيام وكالات حكومية
في مدينة كلار، الواقعة على بعد 100 ميل (160 كيلومترا) جنوب شرق السليمانية، برفع
دعوتي تشهير ضده بموجب المادة 433 من قانون العقوبات لسنة 1969. وقال كاوه للجنة
بإنه تم إخلاء سبيله بعد خمسة أيام قضاها في السجن بكفالة قدرها 500,000 دينار
عراقي (430 دولار أمريكي). ولم يتم تحديد موعد للمحاكمة حتى الآن.
في 18 كانون الثاني/ يناير، تم احتجاز الصحفي المستقل ناصح عبد الرحيم
بتهمة التشهير، حسبما أفاد للجنة حماية الصحفيين. حيث قال إن مكتب الحزب
الديمقراطي الكردستاني في حلبجة وأعضاء من الحزب قد أقاموا الدعوى ردا على مقال
نشره على موقع كوردستان پۆست على الإنترنت انتقد فيه مكتب الحزب في حلبجة. وأضاف
بإنه قد أطلق سراحه في اليوم التالي بكفالة قدرها 1.5 مليون دينار عراقي (1,294
دولار أمريكي). وأفاد ناصح للجنة حماية الصحفيين بأن أعضاء الحزب الديمقراطي
الكردستاني قد أقاموا حتى الآن 27 دعاوى قضائية ضده ، وأنه من المقرر أن يمثل أمام
المحكمة في جلسة مقبلة يوم 25 أيار/ مايو.
ألقي القبض على سۆران عمر، رئيس تحرير مجلة ڕێگا، في 18 آذار/ مارس في
السليمانية بتهمة التشهير على خلفية دعوى قضائية أقامتها امرأة مجهولة الهوية،
حسبما أفاد للجنة حماية الصحفيين. وقد أخلي سبيله في 19 آذار/ مارس بكفالة قدرها
ميلونا دينارعراقي (1,715 دولار أمريكي). ولم يتم حتى الآن تحديد موعد لانعقاد
جلسة المحاكمة. وتواجه مجلة رێگا سبع دعاوى قضائية – جميعها مرفوع من قبل أقارب
لمسؤولين أو وكالات حكومية – على خلفية مقالات نشرت في عام 2009.
مَثل أمام المحكمة في 31 آذار/ مارس كل من لهزگین چوقی، صحفي يعمل لدى
ئاكانیوز وهي وكالة أنباء تتخذ من أربيل مقرا لها، وصباح الأتروشي، مدير مكتب
الوكالة في دهوك، للرد على التهم الموجهة لهم من قبل ضابط شرطة ادعى بأن لهزگین
نسب إليه زورا اقتباسا في خبر نشره. وقد احتُجز لهزگین لمدة يوم واحد، وتم
الإفراج عنه بسند كفالة. وأفاد صباح للجنة حماية الصحفيين بأنه عندما مَثُلا أمام
القاضي يوم 31 آذار/ مارس، رفض القاضي محاكمتهما بموجب قانون الصحافة الجديد،
وبدلا من ذلك وجه لهما الاتهام بموجب قانون العقوبات لسنة 1969. وفي منتصف نيسان/ إبريل
أسقط الضابط التهم الموجهة ضد الصحفيين، حسبما أفاد صباح.
ونحن نناشد سعادتكم أن تحرصوا على أن تكون كافة الوكالات المعنية
والمسؤولون مدركين لعدم جواز حبس الصحفيين في جرائم الصحافة، وأن محاكمتهم يجب أن
تجري وفقا لقانون الصحافة، وليس قانون العقوبات لسنة 1969. فالمسؤولية تقع على
عاتق حكومتكم لضمان تطبيق قانون الصحافة على أكمل وجه.
ويجب على السياسيين الذين يتلقون تغطية إعلامية سلبية ألا يلجأوا لإقامة
الدعاوى الجنائية – ففي نهاية المطاف لن يؤدي هذا الوابل من الدعاوى القضائية التي
تستهدف وسائل الإعلام إلا إلى تقويض الجهود الجارية في كردستان لجعل الإقليم مثالا
حيا للديمقراطية. ونحن نحث سعادتكم على أن تحرصوا على قيام المسؤولين الحكوميين
بإسقاط الدعاوى الجنائية ذات الدوافع السياسية والتوقف عن تقديمها وعدم اللجوء إلى
هذا الأسلوب.
نشكر لكم اهتمامكم بهذه القضايا الملحة. ونتطلع إلى سماع ردكم.
مع خالص التقدير،
جويل سايمون
المدير التنفيذي