قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أن على الحكومة الليبية إطلاق سراح الصحفي والكاتب عبر الإنترنت عبد الرازق المنصوري وإسقاط التهم الموجهة له، أو منحه محاكمة عاجلة وعادلة. وكانت قوى الأمن الداخلي الليبية قد احتجزت المنصوري منذ يناير/كانون الثاني الماضي في محاولة واضحة لإسكاته بوصفه كاتبا ذي آراء ناقدة.
وكانت الحكومة الليبية قد قامت باعتقال المنصوري والبالغ 52 عاماً من العمر في 12 يناير/كانون الثاني 2005، في بلدته طبرق. وكان قد قام خلال العام الفائت بكتابة ما يقارب خمسين مقالة وتعليقاً ناقداً للمجتمع والحكومة الليبيين عبر موقع الكتروني ينطلق من المملكة المتحدة (www.akhbar-libya.com).
وقد نشر الموقع في الأسبوع المنصرم أن المنصوري سقط من على سريره في السجن مما أدى إلى كسر حوضه. وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “انتشر استخدام الإنترنت مؤخراً في ليبيا في غياب الإعلام المحلي الحر.
و توفر المواقع الإلكترونية العاملة من خارج ليبيا قنوات للجدل السياسي، مما يجعل من اعتقال المنصوري عائقا أمام حرية الإنترنت والنقاشات المهمة حول الإصلاح في ليبيا”.
وكانت الحكومة قد زعمت أنها اعتقلت المنصوري بسبب حيازته لمسدس غير مرخص. ومن الواضح أن موظفي جهاز الأمن الداخلي، الذي يتولى قضايا تتعلق بالأمن الوطني، قد احتجزوه قبل العثور على المسدس.
و تحتجز السلطات المنصوري في سجن أبو سليم الذي يديره جهاز الأمن الداخلي، كما ووضعته في سجن انفرادي، ولمدة لا تقل عن أربعة أشهر من تاريخ اعتقاله، مع حرمانه من الاتصال بمحاميه أو أسرته.
وقامت هيومن رايتس ووتش بزيارة المنصوري في 5 مايو/أيار 2005 في سجن أبو سليم، وذلك أثناء زيارتها الأولى إلى ليبيا.
حيث صرح المنصوري خلال تلك الزيارة أن موظفي الأمن الداخلي الذين قاموا باعتقاله كانوا يحملون مذكرة لتفتيش بيته، وأنهم قاموا بمصادرة حاسوبه الشخصي وأوراقه وأقراصه المرنة والمضغوطة.
كما قال المنصوري أنه خضع للاستجواب في مقر الأمن الداخلي في طبرق بخصوص المقالات التي قام بكتابتها. وقد حصلوا على مذكرة أخرى لتفتيش منزله في اليوم التالي، ووجدوا مسدساً قديماً يعود إلى والده إضافة إلى 25 طلقة. وقال المنصوري أنه وجد الطلقات على الشاطئ أثناء قيامه باصطياد السمك.
وحتى تاريخ مايو/أيار 2005، لم يعلم المنصوري بتوجيه أية تهمة رسمية له، كما أن السلطات الليبية لم تستجب لطلب هيومن رايتس ووتش من أجل الحصول على معلومات عن هذه القضية.
من ناحيته قال ستورك: “من الواضح أن الحكومة قامت باعتقال عبد الرازق المنصوري لأنه كان يمارس حقه في حرية التعبير. كما أن الحكومة لا تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان فقط، بل تنتهك القانون المحلي الليبي أيضاً حين يحتجز موظفو الأمن الداخلي سجيناً في سجن انفرادي لعدة أشهر”.
وفي 14 يناير/كانون الثاني، قامت السلطات بنقل المنصوري إلى مديرية الإرهاب والتخريب التابعة لجهاز الأمن الداخلي في العاصمة الليبية طرابلس. وقد قال المنصوري أن معظم الأسئلة الموجهة إليه كانت بخصوص مقالاته. وقال أنه استلم بعض الملابس من شقيقه بعد ثلاثة أشهر تقريباً
لكنه لم يقابله ولم يقابل أياً من أفراد عائلته. وقد أخبر منظمة هيومن رايتس ووتش في 14 إبريل/نيسان، بأن السلطات قامت بنقله إلى مقر الأمن الداخلي في منطقة “فشلوم” في طرابلس، حيث قام موظفو الأمن باستجوابه مرة أخرى، ليلاً ونهاراً. كما وذكر بأنه منع من مقابلة محامٍ طوال فترة احتجازه.
وكان العقيد تهامي خالد، رئيس جهاز الأمن الداخلي، قد قال لـ هيومن رايتس ووتش أنه كان مسؤولاً عن اعتقال المنصوري. وقال العقيد خالد: “لم يعتقل هذا الرجل بسبب مقالة أو بسبب الإنترنت أو الراديو، وهو يستطيع أن يتابع عمله هذا لمدة عشرين عاماً؛ لقد اعتقل بسبب حيازته مسدس بدون ترخيص”.
وقد قال بأن جهاز الأمن الداخلي قام باحتجاز المنصوري بدلاً من الشرطة لأن حيازة السلاح هي “من اختصاص الأمن الداخلي”. وذكر الموقع www.akhbar-libya.com الأسبوع الماضي أن المنصوري تعرض لكسر في الحوض نتيجة سقوطه عن سريره المرتفع في السجن، وأنه لا يتلقى الرعاية الصحية اللازمة.
وقد كتبت منظمة هيومن رايتس ووتش لأمين الأمن العام الليبي (في وزارة الداخلية) ولأمين العلاقات الخارجية والتعاون الدولي (في وزارة الخارجية) في 9 أغسطس/آب طالبةً معلومات تتعلق بقضية المنصوري القانونية وبصحته. ولم ترد أية أجوبة من الحكومة فيما يخص هذا الطلب.
وفي هذا السياق قال ستورك: “إننا قلقون جداً لعلمنا بإصابة المنصوري، وإننا نحث الحكومة على منحه الرعاية الطبية التي يحتاجها”.
وفقاً للمنصوري ولأحد محرري موقع www.akhbar-libya.com، فإن المنصوري كتب ما يقارب 50 مقالاً للموقع خلال عام 2004 وأوائل عام 2005.
وكان المنصوري قد قال لـ هيومن رايتس ووتش: “إنني أدرس الحياة والشعب الليبيين من جميع الوجوه. لماذا يطلق الليبي لحيته؟ وما الذي يجعل الليبيين وكأنهم خائفين من أحد ما؟ ولماذا لم يحن وقت الديمقراطية في ليبيا؟”.
وأضاف: “إن ما نريده هو أن تصبح ليبيا مكاناً أفضل، حتى لو من خلال الكتابة”.
واحتوت المقالة الأخيرة التي أرسلها المنصوري قبل اعتقاله بعنوان: “هل سيأتي حامل المفتاح قريباً إلى تلك القاعة في سرت؟” ونشرت في 20 يناير/كانون الثاني، نقداً لاذعا لجدل دار بين اثنين من موظفي الحكومة، أحدهما إصلاحيٌ والآخر متشدد.
وقد عبرت المقالة عن الأمل، مع التشكك، في أن يقوم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بتأييد الموقف الإصلاحي.