إذا كنت في مكتبك بالرياض أو مزرعتك في الفيوم أو في رحلة خارج بلدك في أي مكان، فذلك لم يعد يعني أنك ستفتقد الاطلاع على الصفحة الأولى من جريدتك المفضلة، فمن الممكن الاطلاع على الصفحات الأولى كل صباح لأهم أربعمائة صحيفة في العالم تصدر في 45 بلدا ، بالإضافة إلى عدد من الصحف العربية الأخرى.
ولتحقيق ذلك لا تحتاج سوى لجهاز كومبيوتر واشتراك في شبكة الإنترنت أو التوجه إلى أقرب مقهى للإنترنت والدخول إلى الموقع التالي: www.newseum.org/todaysfrontpages بدخولك إلى الموقع سوف تلاحظ أن بامكانك رؤية عشرات الصفحات الأولى لمختلف الجرائد حول العالم، ولتسهيل البحث بامكانك اختيار منطقة جغرافية معينة أو البحث بالترتيب الأبجدي. الموقع يخولك كذلك رؤية صورة مكبرة عن الصفحة، ويوفر لك الرابط الالكتروني لكل الصحف التي يستعرضها ان أردت الاطلاع على قصة معينة أو لفتك خبر مثير. ولكن ما هي الجهة التي توفر هذه الخدمة الكبيرة للإعلاميين بالدرجة الأولى ولبقية المهتمين بدرجة ثانية؟ والتي كادت تكون مستحيلة لولا التطورات التقنية التي شهدها العالم مؤخرا؟ الإجابة هي متحف الأخبار الأميركي ـ أو نيوزيوم كما يعرف بالانجليزية.
فهذا هو أول متحف للصحافة في العالم تقوم فكرته على التفاعل بين العامة ووسائل الإعلام بشكل يتيح المجال لفهم أفضل بين الطرفين.
هذا المتحف يقع حاليا في مدينة أرلينغتون بولاية فيرجينيا على بعد عشر دقائق من قلب العاصمة الأميركية واشنطن، ولكن المتحف الذي اجتذب عددا هائلا من الزائرين منذ تأسيسه عام 1997 تقرر نقله إلى العاصمة واشنطن حيث يجري بناء مقر جديد له في شارع بنسلفانيا بين البيت الأبيض والكونغرس في مجمع المتاحف الوطنية ليكون تحفة معمارية وتكنولوجية غاية في الإبداع. ولتحقيق هذا الغرض تم إغلاق الموقع الحالي في أرلينغتون في مارس عام 2002 ليتفرغ العاملون في المقر الحالي تماما في التخطيط لتطوير المقر الجديد في واشنطن. يقول المسؤولون في المتحف إن الانتهاء من بناء الموقع الجديد سيتم عام 2007 حيث تم تصميم المبنى المؤلف من 600 ألف قدم مربع إلى أقسام متعددة في تصميم يعكس تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين في أحدث صورها، ويتم عرض الصفحات الأولى لأهم صحف العالم في الحائط الخارجي لمبنى المتحف بشكل يومي حيث يتلقى المتحف الصفحات الأولى عبر الإنترنت فور صدورها.
ولإثراء محتويات المتحف يطلب القائمون عليه من مشاهير عالم الصحافة وكبريات الصحف في الولايات المتحدة وخارجها التبرع بما يملكونه من مقتنيات تذكارية تتعلق بعملهم الصحافي، وذلك من أجل عرضها في المتحف. ومن الأمثلة على ذلك أجهزة التليغراف القديمة والكاميرات والصور النادرة، ومخطوطات أصلية لمقالات تاريخية.
اما كيف تقنع شخصا بالتبرع بهدية لها مثل هذه القيمة التاريخية، فذلك بالقول إنها في المتحف سوف تلقى العناية بأيدي خبراء متخصصين في الحفاظ على المقتنيات الثمينة بما يكفل لعدد أكبر من البشر مشاهدتها.
وسوف يعود بنا المتحف إلى خمسمائة سنة من تاريخ الصحافة والطباعة حيث سيتم عرض صفحات أولى قديمة من أقدم الصحف وأعرقها بصورة تحكي قصة تطور الصحافة وتطور العمل الإخباري بشكل عام منذ اختراع المطبعة حتى الآن.
وبالإضافة إلى تاريخ الصحافة فإن قاعة التفاعل الإخباري تتيح للزائرين التفاعل مع الصحافيين ومعرفة ما يجري في غرف الأخبار وما وراء الكاميرات حيث بإمكان الزائر للمتحف أن يلعب دور المراسل الصحافي أو مقدم البرامج أو المحرر الاستقصائي، ويتعرف الجمهور الزائر على مصاعب العمل الصحافي والتلفزيوني والإذاعي تحت مطرقة الوقت وتسارع الأخبار التي تنتهي فعاليتها إذا ما تأخر التعامل معها.