Skip links

متخصصون: منتديات «النت وحوارات الشبكة العنكبوتية» تحل أزمات الشباب الفكرية والعاطفية

استحدث في سكن الطلاب بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن منصب «الموجه الديني»، وخصص موقعا حواريا موجها للشباب فقط للاستماع لمشاكلهم وقضاياهم. وذلك لاحتواء الاختلافات الفكرية والدينية بين الطلاب وتوعيتهم بآداب الاختلاف وتقويم الانحرافات السلوكية.
ويقول الدكتور مسفر بن علي القحطاني، أحد أعضاء التوجيه الديني في الموقع ورئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية في الجامعة: «يعاني الشباب من عدة أزمات نفسية وفكرية وعاطفية، ومن أهم الأسباب التي جعلت مثل هذه الأزمات تتعاظم وتتفاقم في حياتهم انعدام التواصل بينهم وبين أسرهم لطرح مشكلاتهم وعلاجها». مؤكدا غياب الدور الأسري في فتح مجالات وسبل لتبادل الحوار البناء رغم حرج المرحلة التي يحتاج فيها الشباب لعناية فائقة وتفهم بالغ تساعدهم على بناء وتدعيم نهجهم الفكري والثقافي، «وهذا يستحيل تحقيقه إلا من خلال التواصل المعرفي وفتح كل الآفاق أمامهم والإجابة على جل تساؤلاتهم بكل مصداقية وشفافية».
ونوه القحطاني انه فقط من خلال برامج «حوارات التواصل»، سيتمكن الشباب من طرح قضاياهم المختلفة ليتم بذلك إرواء عطشهم من خلال الإجابة على تساؤلاتهم والاقتراب من مستوى تفكيرهم واحتوائهم لرأب الصدع نتيجة التمزق والتذبذب الذي يعانون منه.
وعزا معضلة الحوار إلى النهج المتبع في المؤسسات التعليمية التي عززت مفهوم التلقي وتجاهلت مبدأ التفاعل والتحاور، معتمدة على الأسلوب النمطي المتوارث في الدوائر التعليمية لينتج عنه كما ذكر الرهبة من التعبير والإفصاح عما يجول في خواطرهم خوفا من الرفض ولعدم اعتيادهم على التصريح برغباتهم على الملأ وتحليل آرائهم كونهم اعتادوا أخذ دور المتلقي غير المحتج. واستنكر الحال التي وصلت إليها المرأة نتيجة إقصائها وعدم ملامسة همومها وأحلامها وتعزيز الجانب العاطفي لديها وتجاهل الجانب العقلي والمنطقي لتصبح أكثر ارتيادا للكهنة والعرافين، وأكثر تقبلا وتلقيا للشائعات والخرافات، وأكثر من ينفق على أمور كمالية وتافهة، متسائلا عن سبب عدم استغلال الطاقات النسوية في الجوانب التنموية الحقيقية للارتقاء باهتماماتهم وتحقيق إنجازات حقيقة قيمة.
واختصر القحطاني تسمية مشاكل الشباب التي برزت من خلال الموقع الإلكتروني «التطرف» بنوعيه الديني، أو التطرف التحرري الانفتاحي نتيجة ثورة الاتصالات المعاصرة سواء أكانت من خلال القنوات الفضائية أو مواقع الشبكة العنكبوتية التي فتحت الباب على مصراعيه أمام مختلف الثقافات والتيارات الفكرية التي يتلقاها من غير تحصين كاف، والتي قد تخلق لدى الشاب والشابة الكثير من التناقض وتزعزع قناعاتهم العقائدية، كونه عالما يتخلله الكثير من الشبهات.
بينما أرجع وليد الزهراني، متخصص نفسي في مركز الطب النفسي والسلوكي للإرشاد والعلاج النفسي، شح الإشباع العاطفي إلى الثقافة الأسرية التي تغاضت عن إيصال عاطفة الحب والحنان في مرحلة الطفولة، ليصبح من الصعب تلافي المشكلات والصعاب التي سيمر بها الشاب أوالشابة أثناء مرحلة المراهقة ليبدأ نتيجة عدم هذا الإشباع العاطفي الأسري إلى البحث عن طرق وأساليب أخرى غير مشروعة كاللجوء إلى تكوين علاقات عاطفية مع الجنس الآخر أو حتى التعلق والإعجاب بمن هم من ذات جنسهم، مستشهدا بقصة تعلق فتى بأحد باعة المراكز التجارية ليبدأ الارتياد اليومي لذات المركز وقضاء أوقات طويلة مع البائع لتبادل أطراف الحديث بعد أن لامس الاهتمام والمحبة من قبله، مستنكرا الخجل والحياء غير المبرر من قبل الوالدين والقحط العاطفي الذي تعاني منه العقلية العربية والخليجية سواء أكان «لفظيا» أو «إيماءات جسدية عاطفية ملائمة»، موضحا أنه بتجاهل عقدتي (أوديب والكترا) «التي تعني اولاهما تعلق الابن بأمه، والثانية انجذاب الفتاة لوالدها»، تبدأ نقطة انطلاقة الانحرافات السلوكية للشباب. وأضاف الزهراني أن ما يزيد الأمر سوءا، هو افتقار الشباب أنفسهم إلى الثقافة الجنسية الصحيحة، ليبدأ المراهق باكتسابها من أقرانه، مؤكدا استغلال بعض البالغين المنحرفين لهذا الجهل لممارسة علاقات شاذة مع الأطفال.
كما حمّل المتخصص النفسي المدرسة مسؤولية كبرى في توعية الشباب، حيث اقتصرت محاضراتها ومناهجها على جوانب محددة وتجاهلت تقديم مناهج تعليمية تتعلق بكافة جوانب التربية الجنسية منها والعاطفية، اضافة إلى تجاهل خطب الجمعة معالجة الكثير من القضايا الاجتماعية. وحول مدى نجاعة مواقع الشبكة العنكبوتية في إتاحة المجال للشباب من خلال غرف المحادثة أو المنتديات، أوضح وليد الزهراني أنه لم يتم اللجوء إلى مثل هذه المواقع سوى لكونها وسيلة تفريغية من خلال محادثة أشخاص وهميين للبوح بما يخالجهم ويعتري في صدورهم، من دون أية نتائج تذكر كون المسؤول أو المرشد لن يتمكن من قضاء أوقات طويلة تسمح له بفهم وحل مشاكلهم.