أعرب مركز البحرين لحقوق الإنسان في بيان صادر
عنه عن قلقه البلغ تجاه إقرار مجلس النواب
البحريني لمشروع بقانون يقضي بتعديل المادة «246» من قانون العقوبات والتي تنص بعد
تعديلها على «المعاقبة بالحبس مدة لا تزيد على عام أو الغرامة التي لا تجاوز مائة
دينار من نشر بإحدى طرق العلانية (…) أسماء أو صور المتهمين قبل صدور حكم نهائي
في الدعوى ودون الحصول على إذن من النيابة العامة أو المحكمة المختصة بحسب
الأحوال، ويعاقب بالعقوبة نفسها من تعاون مع وسائل الإعلام الأجنبية بتزويدها
بأسماء أو صور هؤلاء المتهمين".
وجاء في البيان " إذا اقر مجلس الشورى
بدوره هذا القانون، ووافق عليه الملك، فان المتهمين والأهالي والمدافعين عن حقوق
الإنسان في داخل البحرين وخارجها، سيحرمون تماما من إمكانية التحرك لحماية الحقوق
وخصوصا تلك المتعلقة بالاعتقال التعسفي، أو التعذيب وسوء المعاملة، أو المحاكمات
غير العادلة. ذلك أن التحرك العلني غير ممكن عمليا دون تداول الأسماء والصور الذي
سيصبح – بموجب التعديل- جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس أو الغرامة".
ويأتي توجه مجلس النواب معاكسا تماما لحملة
شعبية بدأت منذ عدة سنوات تطالب بحماية المعتقلين من التشهير الذي تقوم به السلطات
الأمنية أو النيابة العامة بنشر أسمائهم وصورهم قبل تقديمهم للمحاكمة أو قبل صدور
حكم نهائي في القضايا الموجهة ضدهم. ومن المثير للدهشة أن مجلس النواب، وبدلا من
تقييد السلطة التنفيذية والنيابة في التشهير بالمتهمين، اتجه لإبقاء حق نشر الصور
والأسماء بيد النيابة العامة والمحاكم، في حين يتم حرمان المتهمين وأهاليهم
والمتضامنين معهم من القدرة على التحرك المحلي والدولي لمناصرة قضايا المعتقلين.
كما يأتي مشروع مجلس النواب كصيغة أكثر تشددا
من الصيغة الحالية للمادة (246) والتي تحتوي بذاتها على صياغة مطاطية ولكنها لا
تمنع النشر ابتداء، كما يفعل التعديل الذي اقره مجلس النواب. علما بأن الصيغة
الحالية –قبل التعديل- تمنع نشر مداولات المحاكم، وتعطي سلطة التحقيق صلاحيات
واسعة في حظر نشر أية "أخبار في شأن تحقيق قائم في جريمة أو وثيقة من وثائق
هذا التحقيق إذا كانت سلطة التحقيق قد قررت إجراءه في غيبة الخصوم أو كانت قد حظرت
إذاعة شيء منه مراعاة للنظام العام أو للآداب أو لظهور الحقيقة".
واضاف البيان أن هذا القانون يأتي بعد إقرار
مجلس النواب لقوانين أخرى أثارت احتجاجات محلية ودولية بسبب تعرضها مع معايير حقوق
الانسان، مثل قانون الجمعيات السياسية الذي اصبح نافذا، وقانون التجمعات والمسيرات
الذي هو بانتظار موافقة مجلس الشورى هذا الشهر، كما سيناقش مجلس النواب قريبا
قانون محاربة الإرهاب الذي يمكن أن يستخدم لملاحقة المعارضين للسلطة بتهم تصل بهم
للإعدام. انه لمن المؤسف أن يصل الأمر بمجلس النواب ليس فقط الى درجة العجز عن
حماية حقوق المواطنين بفشله في إصلاح التشريعات ومراقبة ممارسات السلطة التنفيذية،
وإنما إلى إقرار تشريعات جديدة تستلب حقوق الأفراد الأساسية، وتعيق دور المجتمع
المدني في الدفاع عن تلك الحقوق. ان مثل تلك القرارات يتحمل مسئوليتها النواب
أنفسهم والجهات السياسية التي يمثلونها، وكذلك السلطة السياسية التي أضعفت مجلس
النواب وتمارس نفوذها المباشر عليه.
ودعى مركز البحرين لحقوق الإنسان إلى التحرك
الشامل والعاجل في داخل البحرين وخارجها لوقف هذا التدهور الخطير في الوضع
التشريعي المتعلق بالحريات وحقوق الإنسان في البحرين. كما يدعو الجهات المعنية
بالإصلاح في المنطقة للاستفادة من تجربة البحرين لتقييم الأوضاع المشوهة التي
تخلقها السياسات "الإصلاحية" التي تنتهجها حكومات المنطقة القريبة من
الإدارة الأميركية، والتي ترسخ لمؤسسات وممارسات "ديمقراطية" في ظاهرها،
ولكنها في الواقع أدوات تستخدمها السلطات الشمولية لتقييد وانتهاك حقوق الإنسان.
ويؤسفنا ان ذلك يتم بتشجيع أو بصمت من الإدارة الأميركية وسفاراتها، والتي بات
واضحا للعيان التناقض بين شعاراتها وبين سياساتها الفعلية المتعلقة بالمنطقة.