تعرض الزميل الكاتب الصحافي جميل النمري إلى اعتداء مساء أول من أمس من مجهول بأداة حادة (مشرط) أصابت طرفا من وجهه. وأفاد الزميل النمري الذي يكتب عامودا يوميا على الصفحة الأخيرة في "الغد" بأن الاعتداء جرى أثناء تواجده في منزله في منطقة الجاردنز أحد أحياء العاصمة عمان، إذ جاء شخص وسأل عنه ولما تحقق من هويته ضربه بمشرط كان يستهدف وسط وجهه، إلا أن النمري أزاح وجهه في اللحظة الأخيرة فأصيب بخده وطرف إذنه، وبعد ذلك لاذ المعتدي بالفرار في سيارة كان يستقلها شخص أو أكثر. ولم تنل الحادثة من عزيمة الزميل النمري الذي تلقى العلاج الملائم وهو الآن في صحة جيدة ومعنويات عالية، حيث واصل كتابة عاموده اليومي بلا كلل أو رهبة.
وباشرت الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادث. وأبدى مدير الأمن العام اللواء مازن القاضي اهتماماً كبيراً بالحادث وأكّد حرص الأجهزة الأمنية على الوصول إلى الجناة في أسرع وقت. وقال الزميل النمري، الذي يقدم برامج تلفزيونية في محطات محلية، إنّه وجد اهتماماً كبيراً من كبار المسؤولين الأمنيين، وإصراراً على متابعة الموضوع. ورأى النمري أنّ هذا الاهتمام "يأتي حرصاً على توفير الحماية للصحافيين والإعلاميين ومنعاً لتكرار مثل هذه الحوادث التي تؤثر على استقلالية الإعلام".
وعاد عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين والمسؤولين الزميل جميل النمري للاطمئنان عليه. كما تلقى اتصالات من ممثلين عن فاعليات سياسية ومدنية وإعلامية أكدوا إدانتهم للحادث. وأصدر نادي المراسلين الأجانب في الأردن بياناً أعرب فيه عن استنكاره لهذا الحادث، مطالباً بالكشف عن ملابساته لمعرفة الجناة، منعاً لتكراره لاحقاً.
لئن كان هدف الاعتداء على الزميل جميل النمري إرهابه أو إخراس صوته وكسر قلمه، فقد ضل الهدف مرماه وارتد النصل إلى نحر أصحابه، فقد أسعفنا التاريخ ومابرح بأن الكلمة أقوى من المشرط وبأن الحرف أقوى من السكين والمسدس والدبابة، وبأن فلول الظلام مهما تكدست تفضحها شمعة.
ولئن كانت الحادثة التي تعرض لها الزميل النمري الخميس الماضي منقطعة الصلة عن التقاليد الصحافية والإعلامية التي تحكم السجال والخلاف في بلدنا، فإننا في "الغد" ندين هذا الاعتداء الآثم ونستنكر كل المحاولات التي تستبدل بالحوار والمناقشة والجدل لغة الترهيب والتخويف وتهديد حياة الكتاب والصحافيين وقضّ أمنهم وتقييد حركتهم.
ومنبع ثقتنا بأن هذا الحادث المدبر عابر وطارئ ولن يؤثر على مسار الحريات الإعلامية آت من إيماننا اللانهائي بحكمة قائد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني الذي شدد في غير مناسبة على أن حرية الصحافة سقفها السماء. كما أننا نستمد الثقة والأمان من قدرة وكفاءة أجهزتنا الأمنية التي أولت الحادث عناية استثنائية، كما عهدها دائما. وستكشف الأيام المقبلة هوية المجرمين والمأجورين وسيماط اللثام عن وجوههم الملطخة بالإثم، وستشرق الحقيقة كشمس أبدية لا تساوم على نورها ونارها.