– التعديلات لا تمنع سجن الصحفيين أو محاكمتهم بموجب قوانين عقابية أخرى
– حق الحصول على المعلومات في القانون حصرا للصحفيين الأعضاء في النقابة وقانون وثائق وأسرار الدولة يلغي هذا الحق
– القاضي المتخصص ينظر قضايا المطبوعات الورقية والاعلام المرئي والمسموع وليس الاعلام الالكتروني
– نظام خاص سيصدره مجلس الوزراء يحدد آليات التسجيل الاختياري .. والمادة (49) من القانون تتحدث عن الترخيص
جدد مركز حماية وحرية الصحفيين معارضته ورفضه للتعديلات التي أقرها مجلس النواب الموقر على قانون المطبوعات والنشر واصفا هذه التعديلات بأنها لم تأت بجديد بخصوص المواقع الإخبارية الالكترونية وإنها تشكل مدخلا لفرض قيود جديدة على الإعلام الالكتروني.
وقال المركز في بيان صادر عنه “لقد تم تدارس التعديلات التي جاءت من الحكومة وأقرها مجلس النواب ولم نجد فيها أي مزايا لصالح المواقع الإخبارية الالكترونية، وكل المزاعم التي روجت ليست إلا سرابا ومحاولة كما قلنا سابقا لذر الرماد في العيون، وأن الممارسات والتطبيقات القضائية تؤكد عكس ما تروج له التعديلات القانونية”.
وأكد البيان أن المركز عكف طوال الأيام الماضية على إعداد مطالعة قانونية موسعة تجيب على كل الأسئلة التي تثيرها التعديلات وربطها بواقع ما يحدث عند التطبيق القانوني والقضائي.
وبين أن المطالعة القانونية التي أعدها مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد” المحامي محمد قطيشات أكدت بأن قانون المطبوعات والنشر حتى بعد تعديله لا يمنع من محاكمة الصحفيين بموجب قوانين جزائية أخرى مثل قانون العقوبات، وهذا يعني أن قانون المطبوعات لا يمنع عقوبة الحبس، مشيرا إلى أن الاجتهاد القضائي لمحكمة التمييز لم يمنع النيابة العامة من إحالة الإعلاميين في المواقع الالكترونية بموجب قوانين عقابية أخرى غير المطبوعات والنشر.
وعارضت المطالعة القانونية للمركز الحديث عن المزايا في التعديلات على قانون المطبوعات فهي لا تضمن حق الوصول الى المعلومات للمواقع الإخبارية لأن هذا الحق منصوص عليه حصرا “للصحفي” في المادة (8) من قانون المطبوعات والصحفي حسب التعريف هو عضو نقابة الصحفيين، عدا عن أن حق الحصول على المعلومات للصحفيين أمر لا يطبق بالممارسة لأن هنالك تشريعات أخرى مقيدة تلغي هذا الحق مثل قانون وثائق وأسرار الدولة.
وتابعت المطالعة القول ” بأن امتياز المحاكمة أمام قاض متخصص أو غرفة قضائية كما ورد في نص الحكومة إدعاء غير صحيح، فالتعديل الوارد “على الرغم مما ورد في أي قانون آخر” في المادة (42) من قانون المطبوعات موجود سابقا ولم يتغير ومع ذلك فان الصحفيين كانوا يحاكمون أمام محكمة أمن الدولة فقانونها أولى في التطبيق وهو ما كان معمولا به وهو ما أقرته محكمة التمييز أعلى محكمة في الأردن بالقول ” لا تستطيع المحاكم النظامية النظر بأي جريمة داخلة باختصاص محكمة أمن الدولة بموجب قانونها الخاص”.
وتضيف المطالعة ” وحتى لو افترضنا أن هذا التعديل سينزع اختصاص محكمة أمن الدولة فان الفقر أ/2 من المادة (42) من قانون المطبوعات تؤكد أنها تختص بالنظر في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها خلافا لأحكام أي قانون آخر، وهذا يعني أنها لا تختص بالنظر في قضايا الإعلام الالكتروني لأنه لم يجر تعديل لإضافتها للفقرة السابقة، وكذلك أنها حصرت الأمر بالوسائل الإعلامية المرخصة والإعلام الالكتروني لا يخضع للترخيص المسبق”.
وقال مركز حماية وحرية الصحفيين في بيانه ” كان أجدر بالحكومة أن تراجع قانون المطبوعات والنشر برمته حتى يتواءم مع المعايير الدولية لحرية الإعلام بالإضافة لحزمة التشريعات الأخرى المقيدة، وليس تقديم قانون المطبوعات على أنه ميزة لا يمكن تفويتها فلازال هذا القانون لا يمنع عقوبة التوقيف بموجب القوانين الأخرى، بالإضافة إلى أن الغرامات المالية التي ينص عليها مغلظة ونحن نعارضها أصلا، وكذلك الجرائم المتعددة الواردة فيها والتي ستطبق على المواقع الإخبارية بعد ذلك والتي تتسم بعدم الانضباط والمطاطية في الفهم”.
ونوه بأن أخطر ما في التعديل أنه أناط كل ما يتعلق بالتسجيل الاختياري بصلاحيات مدير المطبوعات والنشر بموجب نظام خاص يصدر عن مجلس الوزراء، والذي سيصبح جزء من التشريع وله قوة إلزامية ولا يعرف مضمون وتفاصيل هذا النظام وما هي الشروط التي سيتضمنها وهل سيطبق نفس الشروط المعمول بها للصحافة الورقية من حيث رأسمال، رئيس التحرير….. الخ.
وأكدت المطالعة القانونية على وجود تضارب وعيوب في الصياغات التشريعية في القانون المعدل مبينا أن هناك تناقضا بين تعريف الموقع الالكتروني في قانون جرائم أنظمة المعلومات وهذا التعديل على قانون المطبوعات، والأهم ما ورد في المادة (49) حيث تم الإشارة إلى “المرخصة” والترخيص بالتأكيد يختلف عن التسجيل وإيراد هذه الكلمة إما جاء من باب اللغو التشريعي وهذا صعب، أو متعمدا من أجل الطلب من المواقع الإخبارية الالكترونية التقدم بطلبات للترخيص فيما بعد.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور ” أن المبررات والمسوغات الحكومية لهذا التعديل غير مقنعة، وان الهدف البعيد الذي لا يجري التطرق له هو السيطرة على الإعلام الالكتروني”.
وأضاف “أن الحكومة تسير بهذا التعديل عكس مسار العالم الداعي لحرية الانترنت وربما نكون الدولة الأولى التي تفكر بآليات لتسجيل المواقع الإخبارية الالكترونية”.
واستذكر منصور ” أن الصحافة الأسبوعية الورقية كانت مسجلة ومرخصة فهل قدمت لها مزايا وحوافز أم جرى حصارها والتضييق عليها؟”.
وأوضح منصور أن المركز يشعر بأن حزمة التعديلات والتشريعات التي قدمتها الحكومة بدءا من مشروع قانون هيئة مكافحة الفساد مرورا بتعديل قانون المطبوعات والنشر وانتهاءً بتعديل قانون العقوبات الذي لم يفصح عنه حتى الآن لا تسير باتجاه دعم حرية الإعلام بل تفرض قيودا عليه، وكأن الحكومة لا ترى دور الإعلام في الربيع العربي ولا تدرك أن السيطرة على الإعلام أصبحت من مفردات الماضي.
وأعلن منصور أنه يؤيد وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال السابق طاهر العدوان بأن المشكلة تكمن في روحية ونهج التعامل مع الإعلام وعدم الإيمان والجدية بأن الإعلام شريك أساسي بالإصلاح، وان المطلوب هو تشجيع التنظيم الذاتي للإعلاميين، وتأسيس مجلس شكاوى مستقل ينصف المجتمع من اعتداءات الإعلام إن حدثت.
وقال منصور ” أن مركز حماية وحرية الصحفيين سيبدأ مشاورات عاجلة مع المواقع الإخبارية الالكترونية للاتفاق على موقف موحد بخصوص التعديلات على قانون المطبوعات والنشر، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة التوجه إلى مجلس الأعيان لمطالبته برد هذه التعديلات والتأكيد على ضرورة أن يراعي أي تغيير توسيع هوامش الحريات الإعلامية وأن تتوائم مع المعايير الدولية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن”.
وفيما يلي نص المطالعة القانونية كاملة:
مطالعة قانونية حول المشروع المعدل لقانون المطبوعات والنشر للعام 2011 المقدم من الحكومة والذي أقره مجلس النواب الأردني
إعداد: المحامي محمد قطيشات
مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين “ميلاد”
مقدمة :
نظرة أولية على قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 وتعديلاته السارية المفعول:
قبل الحديث عن الملاحظات القانونية التي يمكن ابداءها على المشروع المعدل وجدنا انه من الضروري بيان اهم الاحكام القانونية الواردة في قانون المطبوعات والنشر ، وذلك لتكوين صورة أولية عن الوضع القانوني القائم للمطبوعات بشكل عام وللمواقع الإخبارية الالكترونية بشكل خاص.
يعتبر قانون المطبوعات والنشر في العديد من الدول التي تبنت قوانين مطبوعات بيت القصيد في حل أو خلق المشاكل والصعوبات التي تواجه الصحفيين بسبب ما يصدر منهم أثناء ممارستهم لأعمالهم الصحفية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تعكس قوانين المطبوعات مدى القيود التي تفرضها الدول على المطبوعات ومن ضمنها الصحف وإلى أي نقطة تستطيع الدول السيطرة على الصحف بشتى الوسائل .
ولتسليط الضوء على أهم الأحكام الواردة في هذا القانون أرجو أن أبين الآتي :-
1) عرفت المادة الثانية من القانون الصحافة بأنها مهنة إعداد المطبوعات الصحفية وتحريرها وإذاعتها . وعرفت الصحفي بأنه عضو النقابة المسجل في سجلها واتخذ الصحافة مهنة له وفق أحكام قانونها .وبينت المادة العاشرة أنه لا يجوز لغير الصحفي ممارسة مهنة الصحافة بأي شكل من أشكالها ، بما في ذلك مراسلة المطبوعات الدورية ووسائل الإعلام الخارجية أو تقديم نفسه على أنه صحفي ولا يشمل ذلك من يقتصر عمله على كتابة المقالات .
2) اشترط القانون وجود ترخيص مسبق للمطبوعات الصحفية والمتخصصة وحدد شروط الترخيص. وجعل القانون قرار منح الترخيص بيد مجلس الوزراء بناء على تنسيب الوزير والذي عليه أن يصدر قراره بشأن طلب ترخيص المطبوعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبر الطلب مقبولاً وفي حال رفضه يجب أن يكون القرار معللاً . وأشارت المادة 48 من القانون أنه كل من أصدر مطبوعة دورية بدون ترخيص يعاقب بغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار .
3) بين القانون في المادة 19 منه أن هناك نوعين يتم بموجبهما إلغاء رخصة المطبوعة الدورية وهما :
إلغاءً حكمياً في عدة حالات و منها إذا لم تصدر المطبوعة الصحفية خلال ستة أشهر من تاريخ منح الرخصة .
وإلغاءً قضائياً حيث يجوز للمحكمة إلغاء رخصة المطبوعة إذا خالفت شروط ترخيصها ، بما في ذلك مضمون التخصص دون الحصول على موافقة مسبقة من الوزير شريطة أن يكون قد قام بإنذارها مرتين بسبب مخالفتها لتلك الشروط .
4) قرر القانون حق الرد والتصحيح في حال نشرت المطبوعة الصحفية خبراً غير صحيح أو مقالاً يتضمن معلومات غير صحيحة حيث أعطت للشخص الذي يتعلق به الخبر أو المقال الرد على الخبر والمقال أو المطالبة بتصحيحه وعلى رئيس التحرير المسؤول نشر الرد أو التصحيح مجاناً في العدد الذي يلي تاريخ ورود أي منهما في المكان والحروف نفسها التي نشر فيها الخبر أو المقال في المطبوعة الصحفية . وإذا كان ذلك الخبر أو المقال يتعلق بالمصلحة العامة فعلى رئيس التحرير نفس الواجب .واوجب عقوبات مالية على عدم نشر الرد او التصحيح.
5) فرض القانون رقابة على المطبوعات المتخصصة حيث نصت المادة (26) من القانون على أنه :-
أ/ يحظر على المطبوعة المتخصصة الكتابة في غير المجال المرخص به ، أو تغيير موضوع تخصصها دون الحصول على موافقة مسبقة من الوزير بناء على توصية المدير .
ب/ يجب على كل مطبوعة متخصصة تزويد الدائرة بثلاث نسخ عند صدور كل عدد من أعدادها .
6) اشترط القانون ان يكون لكل مطبوعة صحفية رئيس تحرير مسؤول وجعل مسؤوليته تضامنية في المادة 23/ج عندما نصت على أن ( رئيس التحرير مسؤول عما ينشر في المطبوعة التي يرأس تحريرها كما يعتبر مسؤولاً مع كاتب المقال عن مقاله ) .
وجعل مسؤوليته أيضاً مفترضة في المادة 42/د عندما نصت على أنه تقام دعوى الحق العام في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات الدورية علـى المطبوعة الصحفية ورئيس تحريرها أو مدير المطبوعة المتخصصة وكـاتب المـادة الصحفية كفاعلين وأصليين، ويكون مالك المطبوعة مسؤولاً بالتضامن والتكافل عـن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إلا إذا ثبت اشتراكه أو تدخله الفعلي في الجريمة.
7) ان جميع العقوبات الواردة في هذا القانون هي غرامات فقط ولكنها باهظة بنفس الوقت ، أما عن الجرائم فهي متعددة وابرزها جرائم عدم تحري الحقيقة وعدم الحيدة او النزاهة او التوازن أو الموضوعية أو اشاعة معلومات كاذبة أو الاساءة الى كرامة الافراد وحرياتهم أو التعدي على المبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية ونشر ما يتعارض مع حقوق الانسان وقيم الامة العربية والاسلامية .
8) ان جميع الجرائم السالفة الذكر لا تسقط باسقاط الحق الشخصي ، وهي مدعاة للحكم بالتعويضات المدنية مهما بلغت . وهذه التعويضات غير قابلة للتقسيط بل يجب دفعها دفعة واحدة والا كانت موجبة للحكم بالحبس لمدة 90 يوماً في السنة الواحدة عن ذات الدين مع بقاءه قائماً لغايات السداد التام.
9) ان قانون المطبوعات والنشر لا يمنع من محاكمة الصحفيين بموجب قوانين جزائية اخرى مثل قانون العقوبات ، وبالتالي فان قانون المطبوعات والنشر لا يمنع وجود عقوبة الحبس . فالعديد من القوانين تضمنت عقوبات حبس على جرائم النشر ،او على ممارسة مهنة الصحافة دون التسجيل في نقابة الصحفيين.
10) ان القواعد العامة في التشريعات العقابية تتضمن جميع الجرائم التي يمكن أن ترتكب بواسطة المواقع الاخبارية الالكترونية ، ومنذ العام 2007 يتم محاكمة ناشري أو اصحاب المواقع الالكترونية الاخبارية أو الاعلاميين العاملين فيها أمام القضاء بناء على تلك القوانين.
11) ان الحاق المواقع الاخبارية الالكترونية بقانون المطبوعات والنشر بناء على الاجتهاد القضائي من محكمة التمييز الاردنية في العام 2010 لم يمنع النيابة العامة من احالة الاعلاميين العاملين في تلك المواقع بموجب قوانين عقابية أخرى .
12) لايمكن حصر جميع جرائم النشر مهما كان نوعه فقط في نصوص قانون المطبوعات والنشر الذي يفترض به ان يكون قانوناً تنظيميا لا قانونا عقابيا آخر.
وعودا على بدأ ، فان المطالعة القانونية ستكون وفقا للآتي :
أولاً: في الاسباب الموجبة :
ان الاسباب الموجبة التي ارفقت بمشروع القانون هي أسباب غير واقعية وغير صحيحة من الناحية القانونية ، حيث أنها ربطت الغاية من المشروع المعدل للقانون هو استفادة الصحف الالكترونية أو المواقع الاخبارية من المزايا التي يتضمنها قانون المطبوعات والنشر، وهذا يخالف واقع قانون المطبوعات والنشر الذي لا يوجد به امتيازات يمكن الاستفادة منها في الواقع التطبيقي وذلك للاسباب التالية :
v بالنسبة لما تزعمه الاسباب الموجبة من وجود امتياز خاص بحق الحصول على المعلومات من مصادرها :
– لقد قررت المادة 8 من قانون المطبوعات والنشر للصحفي حق الحصول على المعلومات ، ولكن لم يقرر للمطبوعة مهما كان نوعها ، وهذا بصريح نص المادة 8 مطبوعات ونشر والتي نصت على أنه : ( للصحفي الحق في الحصول على المعلومات ….. ) و بالرجوع الى المادة الثانية من ذات القانون بينت مفهوم الصحفي المقصود لغايات تطبيق احكام القانون عليه ، واشارت بانه ( عضو النقابة المسجل في سجلها واتخذ الصحافة مهنة له وفقا لاحكامها ) . وعليه لا يمكن للمواقع الالكترونية الاخبارية ان تستفيد من نص المادة 8 من قانون المطبوعات والنشر . وينصرف هذا الحكم أيضا على الحق بحضور الاجتماعات العامة وجلسات مجلس الاعيان ومجلس النواب ،،،،الخ والتي نصت عليه الفقرة (د) من المادة 8 مطبوعات ونشر.
– لا يوجد في نص المادة 8 مطبوعات ونشر ما يلزم الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية والعامة لغايات تمكين الصحفي من الحصول على المعلومات ويتضح ذلك من الصياغة القانونية لنص المادة ( 8 ) مطبوعات ونشر .
– وحتى لو قامت تلك الجهات بتمكين الصحفي من الحصول على المعلومات فإنه لا يستطيع الحصول إلا على البرامج والمشاريع والخطط دون غيرها من تلك الجهات وذلك حسب تعبير النص القانوني للمادة القانونية .
– عدم احتواء نص المادة 8 مطبوعات ونشر على إجراءات محددة لكيفية الحصول على المعلومات ولم تلزم الجهات الرسمية المذكورة فيها بإصدار قرار برفض أو قبول طلب الصحفي.
– إن نص المادة 8 مطبوعات ونشر ترك أمر تحديد وتصنيف المعلومات بيد الهيئات والجهات الحكومية والرسمية دون معيار محدد وواضح . فالاستثناءات لا بد ان تكون محددة ومحدودة في المعلومات المتعلقة بمجالات الأمن القومي (سياسة خارجية أو مصالح اقتصادية عليا) والحياة الخاصة للمواطنين ولم يحدد النص من هي الهيئات العامة التي يمكن للصحفي تقديم طلب لها للحصول على المعلومات . وإذا كان هناك أي استثناء على المعلومات بحيث لا يمكن نشرها فإن هذا الاستثناء لم يحدد بموجب نص المادة .
– أن نص المادة 8 مطبوعات ونشر لم يعطل العمل في التشريعات الأخرى التي تفرض السرية بالأصل على المعلومات واهمها قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم (50) لسنة 1971 الذي يفرض سرية مطلقة على جميع أوراق ووثائق الدولة .
v بالنسبة لما تزعمه الأسباب الموجبة من وجود امتياز خاص بالمحاكمة أمام غرفة قضائية متخصصة :
لقد قررت المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 والمعدلة بموجب القانون المؤقت رقم 5 لسنة 2010 إنشاء غرفة قضائية متخصصة ضمن الغرف الجزائية لكل محكمة بداية تختص بنظر الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات أو وسائل الاعلام المرئي والمسموع على الرغم من ان المشرع الاردني كان قد أدخل عبارة ( بالرغم مما ورد في أي قانون آخر ) إلى مطلع الفقرة ( أ) من المادة 42 من قانون المطبوعات والنشر إلا أن كل ذلك لا يمنع محكمة امن الدولة من النظر في بعض الجرائم التي ترتكب بواسطة المواقع الالكترونية الإخبارية للاسباب التالية:
– بالرجوع إلى المادة (3) من قانون محكمة أمن الدولة رقم (7) لسنة 1959 وتعديلاته نجدها تعطي لمحكمة أمن الدولة الاختصاص بالنظر في بعض قضايا المطبوعات باعتبارها محكمة استثنائية خاصة تشكل في أحوال خاصة تقتضيها المصلحة العامة مما يجعل قانونها أولى بالتطبيق ، خاصة انها محكمة انشأت بموجب قانون خاص وليست كالمحاكم النظامية التي انشأت استنادا الى قانون وهو قانون تشكيل المحاكم النظامية. ومن المعروف قانونا أنه لا يجوز للمحاكم النظامية ان تنزع اختصاص محكمة خاصة شرع لها بموجب قانونها الخاص . و في ذلك تقول أعلى محكمة في الاردن وهي محكمة التمييز في احد قراراتها ” لا تستطيع المحاكم النظامية النظر بأي جريمة داخلة في اختصاص محكمة أمن الدولة بموجب قانونها الخاص”. لطفاً أنظر قرار محكمة التمييز رقم 492/99 تاريخ 1/8/99 صفحة 673/8 من المجلة القضائية لسنة 1999.
– واذا اعتبرنا – بالفرض الساقط- جواز نزع اختصاص محكمة الدولة الممنوح لها بقانونها بموجب قانون المطبوعات والنشر ، فان نص المادة 42 مطبوعات ونشر لا يشمل المواقع الاخبارية الالكترونية والتي أسماها مشروع القانون المعدل بالمطبوعات الالكترونية . حيث نصت الفقرة أ / 2 من المادة 42 مطبوعات ونشر على الآتي :
( تنشا غرفة قضائية متخصصة ضمن الغرفة الجزائية لكل محكمة بداية تسمى ( غرفة قضايا المطبوعات والنشر) وتختص بالنظر بما يلي :
1- الجرائم التي ترتكب خلافا لأحكام هذا القانون .
2- الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها خلافا لأحكام أي قانون آخر . )
وهذا النص القانوني لا يشمل المواقع الالكترونية أي المطبوعة الالكترونية لان النص القانوني السابق يقتصر فقط على المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها ، أي المشرع لا يشمل المطبوعات او سائل الإعلام المرئي والمسموع غير المرخص بها. وإذا ما عدنا الى تعريف المطبوعة الالكترونية في مشروع القانون المعدل لوجدنا أنها تشترط عليها لغايات انطباق قانون المطبوعات والنشر عليها التسجيل في سجل خاص بدائرة المطبوعات والنشر ، وهو أمر يختلف عن الترخيص المسبق الوارد ذكره في المادة 42/أ/2 السالفة الذكر. الذي يحتاج إلى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء لغايات الصدور.
v بالنسبة لما تزعمه الأسباب الموجبة من وجود امتياز خاص بعدم جواز التوقيف في الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات والنشر.
– تبعا لاستمرار وجود اختصاص لمحكمة الدولة في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات والنشر ، فان التوقيف لا زال قائما قانونا ، ويمكن وقوعه على الرغم من وجود نص بعدم جواز التوقيف في قانون المطبوعات والنشر .
– ان النص القانوني الذي قرر عدم التوقيف حصره فقط نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير. وهذا أمر يختلف قانونا عن باقي المواد الصحفية التي قد تكون على شكل خبر صحفي أو تحقيق استقصائي الى غيرها من الفنون الصحفية .
ثانياً : في متن المشروع المعدل :
1. ان المشروع المعدل لن يمنع النيابة العامة من إحالة أصحاب المواقع الالكترونية أو ناشريها أو كتاب المواد الصحفية أو أصحاب التعليقات الى المحكمة بموجب قوانين أخرى مثل قانون العقوبات وقانون انتهاك حرمة المحاكم وقانون جرائم أنظمة المعلومات وقانون حماية أسرار ووثائق الدولة .
2. ان المشروع المعدل سيجعل جميع أحكام قانون المطبوعات والنشر واجبة التطبيق على المواقع الالكترونية الإخبارية بما فيها العقوبات المالية الباهظة ،وجرائم متعددة عنكبوتية الشكل مطاطية المحتوى قابلة للتطبيق على أي مادة صحفية ،
3. ان المشروع المعدل قد منح حق الاختيار في التسجيل في السجل الخاصة بالمطبوعات الالكترونية ، ولكنه أناط كل ما يتعلق بإجراءات التسجيل ومتطلباته والمعلومات الخاص به و الالتزامات المترتبة على ما بعد التسجيل بصلاحيات مدير دائرة المطبوعات والنشر الذي سيصدر تعليمات لتلك الغاية أو قد تصدر بموجب نظام خاص صادر عن مجلس الوزراء ، والتي ستصبح جزء من التشريع الأردني ولها قوة إلزامية للكافة ، وهذا ما لم يبين المشروع المعدل شكله ومضمونه، فقد تتطلب اللائحة التنفيذية لبند التسجيل إجراءات تنطوي على السيطرة على المواقع سواء من حيث تقديم معلومات معينة أو شروط معينة للصدور كرأس مال معين او تسجيل شركة مثل أي مطبوعة ورقية أخرى.
4. إن التعديل التشريعي مليء بالعيوب التشريعية والتي يمكن إجمالها بالآتي :
– وجود تضارب بين تعريف المطبوعة الالكترونية الواردة في التعديل وتعريف الموقع الالكتروني الوارد في قانون جرائم أنظمة المعلومات . فهما تعريفان مختلفان سيؤدي الى إرباكات في التطبيقات القضائية .
– استخدام المشرع للغة غير قانونية في المادة 49 المضافة بموجب القانون المعدل ، حيث أن عبارة ( القائمين عليها ) لا يمكن ان تستخدم في التشريع لأنها غير مانعه أو جامعة ولا يوجد لها أي معاني او دلالات محددة . وكذا الحال عندما استخدم كلمة (مرخصة) دون أن يضع أحكاماً للترخيص الخاصة بالمطبوعات الالكترونية ، فالتسجيل الذي أورده المشروع المعدل يختلف عن الترخيص ، وان استخدام كلمة مرخصة اما أن يكون من باب اللغو او مؤشرا على وجود نية لترخيص المواقع الالكترونية الإخبارية ، ومن المعروف ان المشرع لا يلغو.
ثالثا: في احترام أصول صياغة القواعد القانونية :
إن من أهم أصول الصياغة القانونية هو الالتزام بخصائص القاعدة القانونية باعتبارها عامة ومجردة ومجموعة قواعد اجتماعية ومجموعة قواعد سلوك أيضا ، بالإضافة إلى خصيصة إلزامية القاعدة القانونية ، فالقانون مجموعة قواعد ملزمة.
ان المشروع المعدل أورد صياغات تخالف مبدأ إلزامية القاعدة القانونية عندما جاء بلغة التخيير للتسجيل في سجل خاص ، وعندما قرر عدم الاستفادة من مزايا القانون المزعومة في حال عدم التسجيل . لان تلك الصياغة تقوم على فكرة تقديم النصح أو الاستدعاء. وهذا ما لا تقوم عليه القاعدة القانونية.
وذلك لان المراد من الإلزام في القاعدة القانونية هو حتمية القاعدة وضرورة تنفيذها ووجوب الطاعة لها وانه لابد للإنسان من ان يكيف علاقاته الفردية والاجتماعية على أساسها.
فلغة القانون ليست هي لغة النصيحة والرجاء إن شاء الأفراد اتبعوها وان شاءوا أهملوها، ومن هنا “يأتي الخطاب القانوني دائما وأبداً بصورة أوامر صادرة من سلطة عليا، فالأمر -وهو طلب العالي من الداني على سبيل العلو أو الاستعلاء – واجب التنفيذ، بخلاف الالتماس؛ وهو طلب المثل من المثل على سبيل المساواة، لان الخطاب القانوني خطاب أمري وليس خطابا استدعائيا، وهذا هو حقيقة الإلزام في القاعدة القانونية “.
( لطفا راجع المدخل لعلم القانون للدكتور أنور سلطان ، مكتب كريدية اخوان بيروت 1982 جامعة بيروت العربية ، والمدخل الى علم القانون للدكتور عباس الصراف والدكتور جورج حزبون مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع 1991 الجامعة الأردنية- كلية الحقوق. )