تعرض صحفيون عراقيون في مناطق مختلفة من البلاد إلى جملة اعتداءات وتهديدات بالقتل من قبل مسؤولين محليين وعناصر تدعي انتماءها لفصائل مسلحة مرتبطة بهيئة الحشد الشعبي، بسبب تغطياتهم الإخبارية للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها محافظات الوسط والجنوب، فيما نفى الناطق باسم الهيئة مشاركة عناصر الحشد في التظاهرات، محذراً من انتحال صفتهم داخل ساحات الاحتجاج.
وشهدت العاصمة بغداد اعتداءات منظمة ضد مراسلين من قنوات البغدادية والمدى والشرقية، على مدى الأسبوعين الماضيين، امام انظار السلطات الامنية والقوات العسكرية من دون أن تتخذ هذه القوات أي إجراءات احترازية لحماية المراسلين الميدانين والفرق الإعلامية، فيما قادت بعض الجهات الحزبية حملات تحريضية ضد وسائل إعلام محلية وأجنبية.
وهاجم اشخاص يدعون انتماءهم لهيئة الحشد الشعبي، الجمعة الماضية، مراسلين ومصورين من قنوات المدى والشرقية والبغدادية، وقاموا بالاعتداء عليهم بالضرب ومصادرة بعض معداتهم الصحفية.
مراسلو ومصورو هذه القنوات ابلغوا مرصد الحريات الصحفية (JFO) بتفاصيل الاعتداءات التي تعرضوا لها، وقال مراسل قناة “البغدادية” مصطفى الربيعي، ان زملاءه؛ كل من المصور هشام محمد والمراسل ظفر المندوب تعرضا للضرب المبرح وتحطيم ادواتهم الصحفية، يوم امس الاول، على يد اشخاص يرتدون الزي المدني امام انظار السلطات الامنية عندما كانا يسجلان بعض اللقاءات مع المتظاهرين.
وهاجمت المجموعة ذاتها فريق عمل قناة “المدى” الفضائية واعتدت بالضرب المبرح على مصورها احمد مشير ومساعده احمد نذير وصادرت منهم التسجيلات المصورة للاحتجاجات، وابلغتهم بان سبب ذلك يعود لنشر الفضائية التي يعملون بها أخبار الاعتداء على بعض المتظاهرين والاعلاميين الاسبوع الماضي.
وتعرض مراسل قناة “الشرقية” خطاب عمر، الجمعة قبل الماضية، إلى ضرب مبرح وتحطيم ادواته الصحفية، من قبل اشخاص يتواجدون باستمرار في ساحة التحرير، وسط العاصمة العراقية بغداد، التي تعد المركز الاساسي للاحتجاجات الشعبية المطالبة بالخدمات والمؤيدة للاصلاحات الحكومية.
ميناس السهيل، المراسل الميداني لقناة “الشرقية”، قال لمرصد الحريات الصحفية (JFO)، إن “رجال الامن انقذوني من محاولة للاعتداء داخل ساحة التحرير واخرجوني من وسط اشخاص ارادوا ضربي”، مضيفاً انه يشعر بقلق بالغ من وضع لافتات بالقرب من بيته وفي مناطق اخرى من العاصمة بغداد تحرض بالضد من العاملين في قناته.
الناطق باسم هيئة الحشد الشعبي، كريم النوري، قال لـمرصد الحريات الصحفية إن “المشاركة في التظاهرات مدنية بامتياز، وأن الحشد الشعبي يقاتل داعش الإرهابي، فيما المتظاهرون يقاتلون المفسدين في ساحات الاحتجاج”.
وحذر النوري من “ارتداء ملابس الحشد أو انتحال صفتهم للحفاظ على سلمية التظاهرات”، رافضاً “تحويل ساحات الاحتجاج إلى ثكنات عسكرية”.
ممثل مرصد الحريات الصحفية (JFO) في مدينة كربلاء، قال إن احتجاجات جمعة الاسبوع الماضي تعرض فيها مصور قناة “الحرة” سلمان الياسري ومراسل قناة “هنا بغداد” للاعتداء من قبل اشخاص يعتقد انه تابعون لاحزاب نافذة في المحافظة، وتمت مهاجمتهم ومصادرة معداتهم الصحفية.
وفي محافظة النجف تعرض الصحفي ضياء هاشم الغريفي، الذي يشغل منصب رئيس تحرير مجلة “النجف الآن” المحلية، الاسبوع الماضي، لاعتداء بالضرب المباشر من قبل نائب المحافظ طلال بلال عندما التقاه مصادفة في مطعم وسط المدينة.
وقال راجي نصير مراسل قناة “الحرة عراق” في مدينة النجف لـمرصد الحريات الصحفية (JFO)، ان الاعتداءات التي طالت فرق عمل قناة البغدادية والعراقية وصحفيين في المدينة خلال الاحتجاجات “مثيرة للقلق ويجب مواجهتها من قبل الاجهزة الامنية بحزم لانها تثير مخاوف جميع الصحفيين في البلاد”.
اما مدينة البصرة في جنوب العراق، فقد شهدت حملة ترهيب بحق الصحفيين العاملين فيها، ووزعت جهات مجهولة، الاسبوع الماضي، منشورات “كفرت وتوعدت” من خلالها المراسلين الميدانيين الذين غطوا الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدينة.
البيان الذي نشره مجموعة من الاشخاص على مناطق البصرة اتهمت فيه مجموعة تطلق على نفسها “ابطال العراق” الصحفيين والمراسلين بــ “التجاوز على رموز سياسية ودينية” وتوعدتهم بالقتل، وتم من خلال المنشور التحريض ضد الصحفي الذي يعمل في إذاعة “المربد” بدر السليطي ومراسل قناة “الشرقية نيوز” حيدر عباس الحلفي والصحفي العامل في إذاعة “الامل” منتظر الكركوشي، فضلاً عن تهديد الناشط الصحفي شهاب أحمد الذي يعمل مع منظمة جمعية الدفاع عن حرية الصحافة.
وتنص القوانين العراقية على معاقبة “كل من يعتدي على صحفي أثناء تأدية مهنتـه أو بسبب تأديتها بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على موظف أثناء تأدية وظيفته أو بسببها”. وفقا للمادة 9 من قانون حقوق الصحفيين الذي شرع عام 2011.
مرصد الحريات الصحفية (JFO) يحمل القوات الأمنية العراقية مسؤولية سلامة جميع المراسلين والمصورين المتواجدين في ساحات الاحتجاجات، ويدعو المرصد هذه القوات إلى الامتثال للقوانين وملاحقة جميع الاشخاص الذين ينتحلون صفات رسمية وغيرها وإلقاء القبض عليهم وتوفير أجواء آمنة لممارسة العمل الصحفي في البلاد وعدم مضايقة الفرق الاعلامية وفسح المجال امامها من دون وضع شروط ومعرقلات وعدم التغاضي عن الاعتداءات التي تحدث امام انظار العناصر الامنية التي لم تحرك ساكنا لمنع وقوع ذلك.