قالت هيومن رايتس
ووتش اليوم أن الحكومة المصرية أصدرت للمرة الأولى حكماً بالحبس بحق صاحب مدوّنة
بسبب كتاباته، مما يهدد أحد نوافذ حرية التعبير التي ظهرت على الإنترنت.
وقد أدانت محكمة
بالإسكندرية صباح الخميس 22/20/2007 عبد الكريم نبيل سليمان وحكمت بحبسه لمدة أربع
سنوات سجن بتهم إهانة الإسلام وإهانة رئيس الجمهورية، و"نشر معلومات تخل
بالأمن العام". وبحسب صحفيين حضروا جلسة المحكمة اليوم، فقد أصدر القاضي أيمن
العكازي قرار الحكم في جلسة لم تتجاوز
الخمس دقائق.
وسليمان، البالغ من
العمر 22 سنة والطالب السابق بدراسات الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، معروف
بالاسم المستعار كريم عامر. وفي أعقاب تقدم الجامعة بشكوى ضده مَثَل أمام النيابة
العامة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للرد على الاتهامات المتعلقة بكتابات له
في مدوّنته ينتقد فيها الإسلام وسلطات الأزهر والرئيس حسني مبارك، وأمرت النيابة
باحتجازه على ذمة التحقيق وجددت أمر الاحتجاز أربع مرات قبل بدء محاكمته في محكمة
محرم بك بالإسكندرية في 25 يناير/كانون الثاني.
وكان سليمان قد
تعرض للاعتقال في منزله على يد رجال أمن بثياب مدنية في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2005،
بعد أربعة أيام من نشره تعليقات في مدوّنته عن أحداث الشغب الطائفية التي وقعت في
الحي الذي يسكن به، وانتقد فيها مثيري الشغب
المسلمين والإسلام، واعتقلته السلطات تلك المرة الأولى ليبقى قيد الاحتجاز 12
يوماً ثم يتم الإفراج عنه من دون توجيه اتهامات إليه.
وقالت سارة ليا
ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يُعد هذا الحُكم سابقة
أولى مُروعة في دولة فتحت فيها المدوّنات نافذة لحرية التعبير"، وتابعت تقول بأن
"على الحكومة المصرية الحفاظ على التزاماتها بمساندة حرية التعبير والإفراج
عن سليمان دون إبطاء".
وتستند الاتهامات
الصادرة بحق سليمان إلى قوانين تتعارض مع ضمانات حرية التعبير التي يكفلها القانون
الدولي، إذ أن المادة 102 (مكرر) من قانون العقوبات المصري يمكن بموجبها حبس "كل
من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات إشاعات إذا كان من شأن ذلك تكدير الأمن العام أو
إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة"، وبموجب المادة 176
من قانون العقوبات، والواضح أنها الأساس الذي استندت إليه تهمة "إهانة
الإسلام" الصادرة بحق سليمان، فيمكن حبس "كل من حرض على التمييز ضد
طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان
من شأن ذلك تكدير السلم العام"، ويمكن بموجب نص المادة 179 حبس "كل من
أهان رئيس الجمهورية".
وتكفل المادة 19 من
العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي وقعت عليه مصر دون تحفظات سنة 1982،
الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق "التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار
وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو
في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى".
وتجيز المادة 3-19
من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تقييد حرية التعبير فقط في ظروف محدودة،
وعندما تكون لصالح "احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم" أو "حماية
الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة" ولا يمكن
فرض هذه القيود إلا في حالة "الضرورة" ولا يتسنى تطبيقها إلا في أضيق
الحدود، وتقع مسؤولية إثبات صلاحية تطبيقها على عاتق الدولة، والتي يجب أن تبرر أي
منع لمحتوى ما عبر إثبات أن القيود ضرورية لتحقيق غاية شرعية محددة من بين
الاستثناءات المذكورة.
من جانبها أدانت
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم الحكم القاسي الذي أصدرته محكمة جنح
محرم بك بالإسكندرية ضد المدون العلماني كريم عامر بالسجن أربعة سنوات بتهمة
ازدراء الدين الإسلامي و إهانة رئيس الجمهورية.
وكانت محكمة جنح
محرم بك قد عقدت جلستها اليوم للنطق بالحكم في الاتهامات الموجهة لكريم عامر عقب
قرارها بالاكتفاء بمذكرات دفاع – دون مرافعة شفهية – قدمتها الشبكة العربية ومركز
هشام مبارك للقانون ، وتلى القاضي "أيمن عكاز" الحكم في مواجهة كريم
عامر بالسجن أربعة سنوات ، ثلاثة منها كعقوبة لما رأته المحكمة من أن كتابات عامر
تتضمن ازدراء للدين الإسلامي ، وعام بتهمة إهانة رئيس الجمهورية ، واستبعدت
المحكمة تهمة إذاعة بيانات من شأنها تكدير الأمن العام .
وقال جمال عيد
المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان "أنه يوم حزين لكل
دعاة حرية الرأي والتعبير ، ليس في مصر فقط ، ولكن في العالم أجمع " وأضاف
عيد " حين يعاقب شاب على أرائه العلمانية في دولة تدعي احترامها لحقوق
مواطنيها وحقهم في حرية الرأي والتعبير فهي كارثة ، جميع بلدان العالم الديمقراطي
لفظت هذه التهم من قوانينها" .
وقد قررت الشبكة
العربية أن تسارع بعمل الاستئناف لكريم ، ومواصلة حملتها حتى يتم الإفراج عنه ،
حتى لا يصبح هذا الحكم سابقة تنسحب على كل دعاة حرية الرأي والتعبير والعلمانيين
في مصر ، خاصة وأن هذا الحكم يعتبر مخالفا لنص المادة 18و19 من العهد الدولي
للحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه مصر منذ ربع قرن وأصبح ملزما لها.
وقال عيد " تهمة
ازدراء الأديان هي تهمة فضفاضة وعامة من حيث المبدأ ، ولا يجب أن تخضع لأراء خاصة
أو قناعات شخصية ، أما تهمة إهانة رئيس الجمهورية فقد تم إلغاءها من قوانين كل
الدول الديمقراطية نظرا لفرضها قيود على حق النقد السياسي وتعارضها مع حرية
التعبير