أثار حديث المتمرد الشيشاني شاميل باسايف الذي اذاعته محطة تلفزيون ABC الاميركية، ضجة كبيرة في الأسبوع الماضي، حيث أعلنت الخارجية الروسية أنها ستمنع صحافيي إيه بي سي من ممارسة عملهم، مما يعني تجميد عمل المؤسسة الإعلامية، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، كما ورد في بعض التقارير الإعلامية.
وأعلنت الخارجية الروسية أنها لن تجدد أوراق اعتماد صحافي الـ أي بي سي بعد أن تنتهي صلاحيتها، واصفة الشبكة الأميركية بأنها دعمت بروباغاندا الإرهاب.
فيما أمر وزير الدفاع الروسي سيرجي ايفانوف الجيش بإيقاف كل سبل التواصل مع الشبكة بعد أن أجرت المقابلة، التي بثت على برنامج إيه بي سي الشهير المعروف بـ نايت لاين. وباسايف اتهم بتدبير اختطاف الرهائن في مستشفى الولادة ورهائن مسرح دوبروفسكي في موسكو، الى جانب تفجير المساكن في موسكو وقطارات مترو الانفاق وطائرات الركاب المدنية وتطول القائمة لتشمل حادث اختطاف اطفال مدرسة بيسلان وعمليات أخرى كثيرة ابان سنوات الحربين الشيشانيتين، الاولى في 1994-1996، والثانية التي اندلعت في صيف عام 1999.
أما الشخص الذي أجرى المقابلة لصالح أي بي سي فهو أندريه بابيتسكي المواطن الروسي مراسل اذاعة ليبرتي الممولة أميركياً.
وبحكم أن مكتب قناة إيه بي سي مقفل في موسكو منذ 5 سنوات، حاولت الشرق الأوسط الاتصال بمقر الشبكة الرئيسي في الولايات المتحدة، ولكن لم يتسن الحصول على إجابة أو تصريح منها. إلا أن القناة الأميركية كانت قد عبرت عن أسفها الشديد لقرار الحكومة الروسية منعها من العمل في موسكو.
ودافعت المحطة عن موقفها بالتأكيد على أنه لا يمكن السماح لأي حكومة أن تردعها عن نقل الأخبار بصورة كاملة ودقيقة.
وجاء موقف المحطة على لسان رئيسها ديفيد ويستين في تصريح نقلته عنه وكالات الأنباء ونشرته الصحافة الأميركية.
وتقول الصحافية الأميركية المستقلة أوليفيا قصيباتي، وهي تعمل على بحث حول قناة الجزيرة، إن ما قامت به شبكة أي بي سي كان إجراء مقابلة تحت شروطها، ووضعت اسئلتها الخاصة، مضيفة أن ذلك لا يشبه ما تقوم به بعض القنوات العربية التي تتلقى وتبث أشرطة جاهزة تصلها دون أي جهد صحافي، وقد يكون بهذه الاشرطة المعدة سلفا اشارات او رموز سرية.
من جهته، أعرب السفير والمتحدث الرسمي الاسبق باسم الكرملين فياتشيسلاف كوستيكوف عن دهشته ازاء هذه الضجة التي قال انها مفتعلة في الكثير من جوانبها.
وأشار الى ان دهشته تعود في معظمها الى رد الفعل وليس الفعل. فما فعله بابيتسكي على حد قوله كان في اطار التزامه المهني وحقه في تغطية ما يراه مناسبا. لم يتوقف كوستيكوف عند مدى مشروعية إتاحة الفرصة للارهابيين في اقتناص الأثير الذي يجب ان يكونوا بمنأى عنه، مكتفيا بالقول ان ما قاله باسايف ليس جديدا، وقد عرفه القاصي والداني فيما سبق. وتركز حديث كوستيكوف على ما وصفه بعجز اجهزة القوة والقائمين على المخابرات والأمن ممن يحالف الفشل خطواتهم وما يقومون به من اجل الامساك بالارهابي رقم واحد على حد وصفهم.
تساءل كيف استطاع بابيتسكي التسلل الى الاراضي الشيشانية وكيف عجزت الاجهزة الرسمية عن رصد تحركاته ومتابعته حتى الموقع الذي التقى فيه باسايف.
اما الكسندر تسيبكو الحزبّي الشيوّعي وأحد اركان فريق الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف ابان سنوات الغلاسنوست والبيريسترويكا فقد حمل على بابيتسكي ومن يقف وراءه، مؤكدا مشروعية ما اتخذته السلطات الروسية من قرارات، وإن اعترف ايضا بعجز الاجهزة الامنية وفشلها في القيام بواجبها تجاه باسايف. وقال تسيبكو ان باسايف عدو روسي ومن الضروري محاصرته إعلاميا وعدم اتاحة الفرصة لأي حوار معه. وقال كوستيكوف ان موسكو وما دامت اختارت مثل هذه الاجراءات سبيلا الى اقرار معايير التعامل مع ممثلي الاجهزة الاعلامية، مدعوة الى الالتزام بها وتطبيقها على الجميع محليا وعالميا.
واذ اتفق تسيبكو مع هذا الرأي اعرب عن دهشته ايضا ازاء عجز الاجهزة الامنية التي تفشل في القبض على باسايف، في الوقت الذي يعيث فيه مع صحبه من قيادات حركته المسلحة فسادا على مرأى ومسمع من الملايين التي تتابع تحركاتهم وتستمع الى بياناتهم وأحاديثهم عبر شاشات بعض القنوات الفضائية العربية.