إطلاق جائزة “أفضل تغطية صحفية حول قضايا حقوق الإنسان”
- منصور يدعو لأنسنة الإعلام في مواجهة التوحش وخطف المنابر
- جلنرايت: إعلام حقوق الإنسان ضمانة لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع
عمّان – أكد المتحدثون في ملتقى إعلام حقوق الإنسان على أن التغطيات الإعلامية بانتهاكات حقوق الإنسان في الأردن والعالم العربي ضعيفة ومغيبة لأسباب أبرزها تشريعية ومهنية، مشيرين إلى أهمية المعلومات والبيانات المتعلقة بحقوق الإنسان ومدى توفرها باعتبارها الخطوة الأساسية لبناء إعلام مهني محترف يعالج المشكلات والقضايا من منظور حقوقي.
الملتقى الذي نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين بالشراكة مع صحفيون من أجل حقوق الإنسان في كندا وبالتعاون مع معهد الإعلام الأردني وشبكة الإعلام المجتمعي صباح اليوم شارك فيه نخبة من الإعلاميين والخبراء والنشطاء في حقوق الإنسان، واستعرض تطبيق “ميدان” أول تطبيق للهواتف الذكية يهدف إلى تفعيل صحافة المواطن.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور في افتتاح الملتقى أن “الحديث عن حقوق الانسان ومواجهة خطف منابر وسائل الاعلام، في منتهى الاهمية في وقت تبرز فيه دعوات انسنة الاعلام في مواجهة التوحش والتطرف”.
وأشار منصور إلى أن اختطاف منابر الإعلام “يأتي في ظل تزايد الحديث عن الارهاب بعد ان اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام فرصة لممارسة الارهاب، بمعنى ان الاعلام يختطف لمصلحة التطرف والتوحش بدلا من ان يكون اعلاما حقوقيا، ومن هنا تبرز اهمية انسنة الاعلام ليتبنى حقوق الانسان كغاية مهمة جدا في عمله”.
وأضاف أن وسائل الاعلام متورطة إما بعدم بذل الجهد الكافي لمواجهة خطاب الكراهية والتحريض، أو في عدم ترسيخ العمل المؤسسي لتوطين حقوق الانسان لديها، وعدم تخصيص مساحات كافية لقضايا حقوق الإنسان، كما أن الصحفيون متورطون أيضا إذ يكتفون بأدنى درجات المعارف في حقوق الإنسان، بل إن بعض الصحفيين لا يؤمنون بحقوق الإنسان، ويمارسون ثقافة تمييز وعنف والحض على الكراهية”.
وتابع أنه “لا يمكن حل هذه الإشكالية إلا من خلال امتلاك المفتاح الاساس والاهم في ذلك، والمتمثل في استقلالية وسائل الاعلام، فإذا كان الإعلام تابعا فإنه بالتأكيد سيكون جزءا من حالة الاستقطاب، وسيشارك في بث خطاب الكراهية”.
ودعا منصور إلى تدريب الصحفيين تدريباً متخصصاً في حقوق الانسان والعمل على إشاعة ثقافة الحقوق، بالإضافة إلى العمل بجد على إنشاء مجلس للشكاوى وإقرار تشريعات تواجه خطاب الكراهية، مع التأكيد على عدم المس بحرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير.
من جانبه، أعلن المدير التنفيذي لمؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان داني جلنرايت في كلمة الافتتاح عن إطلاق جائزة لأفضل تقرير صحافي حول قضايا حقوق الانسان لعام 2014/2015. ودعا المؤسسات والجهات المهتمة الى المشاركة ودعم هذه المبادرة.
وقال جلنرايت ان اعلام حقوق الانسان يلامس هموم ومشاكل المواطنين وهو ضمانة لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع، لافتا إلى أن “مؤسسة صحافيون من أجل حقوق الانسان تعمل على عدد من المشاريع في قطاع الاعلام في الاردن باساليب مبتكرة منها التدريب الاعلامي حول قضايا حقوق الانسان بفعالية باستخدام مهارات وتقنيات صحافة البيانات”.
وأضاف أن “المؤسسة تلعب دورا رياديا في دمج هذه المهارات (صحافة البيانات) من خلال ورشات تدريبية واشراف المهني واعداد دليل تدريبي للاعلاميين بخبرات عربية ودولية”.
وأشار إلى أن المشروع يستهدف بناء مهارات العاملين في مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الانسان لاعداد استراتيجات الاعلامية للتواصل مع الجمهور.
ونوه الزميل باسل العكور في إدارته لنقاش الجلسة الأولى من الملتقى بعنوان “الإعلام في خدمة حقوق الإنسان” إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تكاد تكون مغيبة عن دعم قضايا حقوق الإنسان سواء في الإعلام أو من خلال الأنشطة التي تمارسها، وأن هناك العديد من القضايا التي لا تصل للإعلام بواسطة مؤسسات المجتمع المدني.
وأعرب المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان د. موسى بريزات عن أمله بإيجاد منظومة وشراكة بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لدعم حقوق الإنسان، إضافة إلى تخصيص مساحات مخصصة لتغطية قضايا حقوق الإنسان وأهمية وضع حقوق الإنسان في السياق الصحيح والمساعدة على فهم الحقائق وليس تحويل الحقائق إلى وجهات نظر.
وقال الناطق الإعلامي باسم منظمة هيومان راتيس واتش لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن “الإعلام لا يلعب دوراً في نشر قضايا وثقافة حقوق الإنسان لوجود صعوبات وإشكاليات راسخة في التشريعات والسياسات تمنع من أن يلعب دوره كناقل وضامن للمعلومات التي تسلط للجمهور”.
وأضاف أن التشريعات ومنها قانون المطبوعات والنشر لا يمكن أن يكون مستوياً لتمكين الصحافة من القيام بدورها، كما أن الممارسات الحكومية لم تتحسن تجاه وسائل الإعلام، إضافة إلى أن سياسات مؤسسات الإعلام التحريرية تمنع من التقدم للأمام، من خلال إشاعة أجواء الرقابة الذاتية وتكريس الخطوط الحمراء التي لا تقوم حتى القوانين بحظرها.
واشار القاضي إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تعاني من إخفاق ذريع بالمهمة الأساسية لحقوق الإنسان في الأردن، سواء المؤسسات المستقلة أو التابعة للدولة.
من جهته قال المدير التنفيذي لمركز الفينيق لدراسات حقوق الإنسان أحمد عوض أن المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان في الأردن تتعامل بنعومة مع الحكومة وغير جادة، ورغم أن الأردن شهد نقاشات جادة حول مستوى ممارسة حقوق الإنسان والتشريعات المتعلقة بها ولكن هذه النقاشات تراجعت وتيرتها مؤخراً.
وأضاف أن “مؤسسات المجتمع المدني لها دور بالكشف عن الانتهاكات وقامت بإبراز عدد من الانتهاكات التي قام بتغطيتها الإعلام، إلا أن هناك عزوف من المؤسسات الإعلامية لتغطية هذا النوع من القضايا خاصة ما يتعلق بالحقوق السياسية، كما نلمس خضوع وسائل الإعلام بالابتعاد عن الدفاع عن حقوق الإنسان خاصة الحق في العمل لصالح سلطة الإعلان التجاري الذي يمنع الإعلام بتغطية الانتهاكات”.
وقال الصحفي من شبكة الإعلام المجتمعي الزميل محمد شما أن “الإعلام من الممكن أن يخدم قضايا حقوق الإنسان إذا تقدم خطوات في هذا المجال، مشيراً إلى أن بعض المنظمات تنظر للإعلام بتغطيته لأخبار محدودة لا تحدث تغييراً إيجابياً، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة إعلامية بحد ذاتها تمكن المواطنين الذين يتعرضون لانتهاكات من عرض ما قد يتعرضون له، وهذا يؤشر إلى تقصير الصحفيين الذين لا يتواجدون ميدانياً حتى يتمكنوا من تغطية هذه الانتهاكات”
وحملت الجلسة الثانية التي أدارها الإعلامي محمد الخالدي عنوان “المعلومات والبيانات الخطوة الأساسية لنجاح وصناعة الإعلام”، ركز فيها المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي داود كتاب على أن أن الأردن من أولى الدول التي أصدرت قانون حق الحصول على المعلومات، وانضمت إلى اتفاقيات الحكومات المفتوحة، لكنها مع ذلك من الدول التي تعيق تدفق المعلومات.
وأشار كتاب إلى أن “أكبر مشكلة ترتبط بالعمل الصحفي في الوطن العربي تتمثل باعتمادها على وكالات الأنباء كمصادر للأخبار مع انتشار كتاب المقالات وهنا يظهر غياب الدور الحقيقي للصحافة من خلال إنتاج التقارير مقابل تعميق الكاتب الصحفي”.
وأكد كتاب على أن صحافة البيانات هي مهارة مهمة لتطوير دور الصحافة القائم على الحقائق والأرقام، مشدداً على أهمية عمل الحكومة على إتاحة البيانات أولاً وبالشكل القابل للاستخدام من قبل الصحفيين ثانياً.
ودعا المتحدث كمال المشرقي سفير النوايا الحسنة مدير أكاديمية التغيير للعمل على بناء وتمكين الإعلاميين والصحفيين في مجال حقوق الإنسان من خلال إيجاد برامج متخصصة في كليات الصحافة والإعلام من خلال تطوير وبناء قدرات العاملين في القطاع الإعلامي والتخصص والعمل على تعديل التشريعات المتعلقة بحرية الحصول على المعلومات وقانون المطبوعات والنشر.
وعرض المتحدثون في الجلسة الثالثة التي ترأسها رعد نشيوات تطبيق برنامج “ميدان” في ميادين الإعلام وشارك بها كل من ثامر العوايشة، عزالدين الناطور، مشيرة الزيود ولينا حدادين.
وسلط الملتقى الضوء على آليات الشراكة بين المؤسسات الحقوقية والإعلاميين وهل يقوم كلا الفريقين بالمطلوب منه، لترسيخ منظومة حقوق الإنسان وفضح الانتهاكات التي يتعرض لها الناس.
وتوقف عند إشكالية توفر المعلومات وما هو الدور والمسؤولية الملقاة على عاتق الصحفيين أو المؤسسات الحقوقية سواء أكانت وطنية أو دولية، وهذا المحور يفتح النقاش على الدور الذي تلعبه الحكومات في الإفصاح عن المعلومات والبيئة التشريعية والقانونية المحددة لعمل الإعلام والمؤسسات الحقوقية.
إلى ذلك، ناقش الملتقى خلال ثلاث جلسات دور الإعلام في خدمة حقوق الإنسان وكذلك دور المؤسسات الحقوقية في تمكين وسائل الاعلام بقضايا حقوق الإنسان، وكيف يساعد الإعلام المجتمع في آليات الرقابة والكشف عن الانتهاكات الحقوقية.
وعرض الملتقى أهمية استخدام تكنولوجيا الاتصال، والتطبيقات التي تسعف الصحفيين لتطوير عملهم في ميدان حقوق الإنسان، ويشرح المشاركون تطبيق “ميدان” الذي انجزه المشروع والفوائد التي يمكن أن يحققها الصحفيون عند استخدامه.
وصدر عن الملتقى إعلان تحت اسم “إعلاميو حقوق الإنسان” يضع توصيات وخطة عمل مستقبلية تعزز من مكانة حقوق الإنسان في وسائل الإعلام.