أجمع عدد من الخبراء والقادة في العمل الإعلامي على أن الإعلام المحترف يواجه تحديات ومخاطر تهدد مستقبله أمام انتشار منصات ووسائل التواصل الاجتماعي.
الملتقى الذي عُقد تحت رعاية وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني وبتنظيم من شبكة إرم نيوز الإخبارية بالتعاون مع مركز حماية وحرية الصحفيين أشار الى أن النصيب الأكبر من الإعلانات التجارية التي كانت مصدر استمرار مؤسسات الإعلام المحترف أصبحت تذهب إلى منصات الإعلام التجاري خاصة “جوجل وفيسبوك”.
وقال الوزير المومني في كلمة خلال افتتاح الملتقى الذي حضره عشرات من خبراء الإعلام بفندق عمان روتانا أن “التاريخ الإنساني لم يسبق له وأن شهد هذا التطور الكبير لوسائل الاتصال وأهمها الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً بأن هذه الوسائل تستخدم بطرق سلبية في كثير من الأحيان”.
وعبر المومني عن أمله في ترسيخ الوعي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من خلال التشريعات والعمل بذات الوقت على رفع الوعي الإعلامي لدى الإعلاميين والجمهور.
وأضاف بأن “منصات التواصل الاجتماعي تستخدم بطريقة غير مهنية الأمر الذي يرتب أعباء كبيرة على الإعلام المحترف”، مبيناً بأن “من أهم الحقائق التي بدأت تتجلى في العالم هو العودة القوية للحصول على الأخبار من المؤسسات الإعلامية المحترفة”.
وفي كلمته الافتتاحية قال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور أن “الإعلام المهني المحترف يشهد تحديات كثيرة في الوقت الذي يُبشَّر بأفوله وبسيطرة كاملة لوسائل التواصل الاجتماعي”.
وتساءل منصور عن قدرة الإعلام المحترف بالتواجد والاستمرار بعد عشر سنوات ومتطلباته ليكون قادراً على المنافسة؟
من جهته قال رئيس تحرير شبكة إرم نيوز الإخبارية الزميل تاج الدين عبد الحق أن الملتقى جاء بمناسبة الاحتفال بمرور أربعة أعوام على انطلاقة الشبكة الأمر الذي جعلنا نحرص على أن يأخذ الاحتفال طابعاً مهنياً من خلال تبادل الآراء مع نخبة مميزة من القيادات الإعلامية حول مستقبل الإعلام المحترف.
واستعرض عبد الحق مسيرة شبكة إرم مشيراً بأن الملتقى سيكون تقليداً سنوياً لمناقشة هموم المهنة والتحديات التي تواجهها.
ونوه عبد الحق الى أن موقع إرم حقق قصة نجاح فقد ارتفع عدد زواره في السنة الأولى من حوالي 4 ملايين زيارة الى ما يزيد عن 50 مليوناً في العام الماضي، مع توقعات بأن يصل العدد في هذا العام الى 60 مليون زيارة، فيما ارتفع إجمالي الصفحات المقروءة من حوالي 8 ملايين صفحة الى اكثر من 98 مليوناً في العام الماضي وتوقعات مجاوزة العدد بنهاية العام الحالي ليصل 180مليوناً.
ولفت رئيس تحرير قناة العربية الدكتور نبيل الخطيب أن “التكنولوجيا أتاحت الفرصة لتغيير جوهري في الإعلام وأدت إلى تغيير جوهري في اقتصاديات الإعلام، وأن “السوشيل ميديا” باتت تلتهم الحصة الإعلانية الأكبر ما أثر على اقتصاديات مؤسسات الإعلام المحترف”.
واكد الخطيب على وجود انحسار في مشاهدة وسائل الإعلام المحترفة مقابل تفاعل الجمهور مع منصات التواصل الاجتماعي، مشيراً بأن الشكل الجديد للإعلام هو ممن ينتجون المحتوى من الجمهور بغض النظر في أي وسيلة كانت ينشر هذا المحتوى.
وقال بأن “غرف الأخبار في التلفزيونات والمحطات الفضائية لم تعد كالسابق وتحولت إلى غرف لإنتاج المحتوى بأشكال متعددة”، ومشيراً بأن “بعض وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت رافداً للإعلام المحترف”.
ونوه الخطيب على أن الذكاء الاصطناعي سينعكس مستقبلاً على وسائل الإعلام، مبيناً بأن جمهوراً كبيراً من جيل الشباب هجر مطالعة التلفزيون وتوجه إلى “السوشيل ميديا”، لافتاً بأن الإعلام الحكومي لديه فرصة أكثر من أي إعلام آخر لأن لديه مصدر المعلومات والأخبار.
من جانبه عبر رئيس مجلس إدارة صحيفة الرأي اليومية رمضان الرواشدة عن اعتقاده بأن الصحافة المحترفة ستضمحل شيئاً فشيئاً أمام الكم الهائل لوسائل الإعلام الاجتماعي، مشيراً بأن وسائل الإعلام المختلفة يجب أن تكون متنوعة ورقياً وإلكترونياً ومرئياً.
وأظهر الرواشدة بأن إيرادات الصحف المطبوعة من الإعلانيات التجارية تراجعت نتيجة توجه المعلنين إلى شبكات ومواقع “السوشيل ميديا”، مطالباً بخلق جيل جديد من الإعلاميين لمواكبة التطور في الواقع الإعلامي من خلال إعادة بناء مناهج تدريس الإعلام في كليات الإعلام لتركز على تدريس تكنولوجيا الاتصالات الحديثة والوسائط المتعددة.
الإعلامية عروب الصبح عبرت بقولها أن ليس كل إعلام تقليدي هو بالضرورة إعلام محترف، مشيرة بأن “الإعلام المحترف أوجد منصات موازية على “السوشيال ميديا””.
ولاحظت بأن الناس يتجهون إلى التفاعل والمشاركة في صناعة الخبر وأن سلوكيات الجمهور قد تغيرت في التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة بعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي.
وتجد الصبح بأن مواقع التواصل الاجتماعي خلقت أشخاصاً أصبحوا مؤثرين واستقطبتهم بعض مؤسسات الإعلام التقليدي، لافتة بأن المتلقي أصبح ذكياً ويستطيع المقارنة بين الخطأ والصواب وسط الكم الهائل من المعلومات التي ترده.
وعبرت عن اعتقادها بأن “المحتوى التفاعلي يحمل رسائل سياسية واجتماعية وما حصل من تأثير في بداية الربيع العربي دليل على ذلك”، مشيرة بأن “التجارة الإلكترونية هي الذراع المؤثر لوسائل التواصل الاجتماعي”.
وقال ناشر موقع JO24 الزميل باسل العكور أن “استخدام كلمة الاعلام المحترف مفهوم فضفاض، والأصلح أن نقول أن هناك إعلام تقليدي “ثقيل” وهناك إعلام إلكتروني وهو إعلام بديل وفي الوقت ذاته هناك وسائل التواصل الاجتماعي مؤكداً ان هذه المنصات للتواصل الاجتماعي جزءا لا تتجزأ من منظومة الإعلام ومكملة له”.
ونبه الى انه من غير المقبول أن تدافع وسائل الاعلام التقليدية عن نفسها باتهام وسائل التواصل الاجتماعي بأنها سطحية وتخلو من المحتوى مشددا على أن “السوشيل ميديا” هي المنصات والأدوات التي أحدثت التغيير ووسعت مساحات الحريات.