يتبعه مؤتمر معهد الصحافة الدولي الثاني والستين
افتتحت صباح اليوم السبت في فندق الرويال بعمان فعاليات الملتقى الثاني للمدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي والذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين ويستمر لمدة يومين ويستضيف بعده المركز مؤتمر معهد الصحافـة الدولـي الثانـي والستين (IPI World Congress 2013) في الفترة من 20 – 21 أيار.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين في كلمة الافتتاح “لا يبدو ان المشهد الإعلامي في العالم العربي قد اقترب من الانفراج، ومن المؤكد أن الانتهاكات ضد الإعلاميين مستمرة حتى تحت ظل الأنظمة الجديدة الحاكمة، وحتى وإن تبدلت وتغيرت أشكال الانتهاكات والتجاوزات، وهذا يزيد من أهمية رصد وتوثيق الانتهاكات، والعمل على حث الإعلاميين على ممارسة سياسة الإفصاح عن المشكلات التي تعترضهم”
وأضاف أن “حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي محيرة، ولا يمكن اختزالها بكلمات، فنحن ما بين التفاؤل والتشاؤم، ويصلح على حالنا ما أطلقه إميل حبيبي على روايته “المتشائل” قبل عقود، فالإعلاميون لم ينالوا حريتهم كاملة بعد، ولم يخرجوا من دائرة الخطر والاستهداف، ولم تتوقف الانتهاكات التي تمارس ضدهم تحت مبررات وعناوين مختلفة”.
بدوره، ألقى السفير النرويجي في عمان بيتر أولبرغ كلمة قال فيها “الحقيقة أن هناك الكثير من الناس في كل أرجاء العالم يطالبون بالحصول على حقوقهم من دون الخوف من التعبير عنها، ولا تزال هناك ثورات مستمرة يكون الصحفيون خلالها عرضة للخطر وتحت الضغط، ومنهم من يتعرض للاعتقال والتعذيب”.
وقال أن “حرية التعبير أمر أساسي لوضع صيغة التسامح بين الحكومات والمواطنين، وهي تعطي الحق لتحدي السلطات، وفي نفس الوقت مسؤولية تطبيق حرية التعبير على الأرض.
في المجتمعات الديمقراطية الإعلام يجب أن يكون تركيزه نقل الآراء والتعبير عنها، وقد قامت الحكومة النرويجية بوضع حرية التعبير على رأس أولوياتها ولذلك نحن داعمون لهذا الملتقى منذ عامين”.
وبعد عرض فيلم قصير بعنوان “وقيد ضد مجهول”، شارك عدد من الفنانين العرب في حفل الافتتاح حيث وجهت الفنانة اللبنانية أميمة خليل الدعوة للصحفيين ووسائل الإعلام للقيام بتغطية الأعمال الفنية العربية بطريقة مختلفة عما تطرحه حالياً، قائلة “أن ما يقدم على الفضائيات العربية وما يُعرض عليها لا يمثل الفن العربي الأصيل”.
وعبرت الفنانة الفلسطينية ريم البنا عن الحاجة لإعلام حر، بقولها “نحتاج لإعلام حقيقي وشفاف ينقل الحقيقة من الأرض ومن الشارع كما هي”، مضيفة “نحن نقول ربيع عربي لكنني لا أحب هذه التسمية لأنه ربيع مليء بالدم، واين فلسطين اليوم من هذا الربيع وغزة تحت الحصار الخانق والاستيطان ما يزال يتغلغل في فلسطين”.
وقالت الفنانة التونسية آمال الحموري أن “الدفاع عن حرية الإعلام هو جزء لا يتجزأ من الدفاع عن حرية التفكير والتعبير والإبداع، والفنان بهذا المعنى معني بالتفاعل مع المشهد الإعلامي في الوطن العربي وخاصة في البلدان التي كسرت شعوبها بفضل ثوراتها حاجز الخوف”.
من جهته، ألقى الفنان السوري جلال الطويل كلمة قال فيها “أبدأ كلمتي بمائتي ألف معتقل، منهم إعلاميون ومنهم فنانون ومنهم صحفيون والكثير منهم ناشطون إعلاميون”.
وأضاف “من البديهي أن يتوجب أخلاقياً على القنوات الإعلامية المستفيدة بشكل إعلامي من الناشط السوري أن تقدم له العون وخاصة المؤسسات الإعلامية الضخمة مثل العربية والجزيرة، وذلك بإجراء دورات تدريبية للناشطين في دول الجوار أو في المناطق المحررة وتزويدهم بالمهارات الأكاديمية وخصوصاً في مجال التوثيق الحر للجرائم المرتكبة من النظام ومن غير النظام ونحن بأمس الحاجة لهذا الشيء الآن، ودعمِهم بالأجهزة والأدوات”.
وطالب الطويل بالحرية لكل الإعلاميين والفنانين المعتقلين في سوريا ومنهم أحمد بقدونس، طل الملوحي، أنس الشغري، شادي هارون، هادي هارون، عدنان الزراعي، زكي كورديلو، مهيار كورديلو، عمر جباعي، كما طالب بالإفراج عن أخيه المعتقل في السجون السورية.
ويعتبر ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي، والذي ينظمه المركز للمرة الثانية على التوالـي، التظاهرة الإعلامية الأكبر إقليمياً، وهو يستقطب قيادات الإعلام العربي وأبرز المدافعين عن حرية الإعلام من فنانين وبرلمانيين وسياسيين وشخصيات عامة، بالإضافة إلى الحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني، وقيادات المؤسسات الدولية المهتمة بالإعلام وحقوق الإنسان.
وكان الملتقى الأول قد استضاف نهاية العام 2011 أكثر من 100 شخصية عربية ودولية، بالإضافة إلى ما يزيد عن 200 إعلامي وسياسي وشخصية عامة أردنية، وحظي بأوسع تغطية من وسائل الإعلام والفضائيات.
ويركز ملتقى المدافعين الثاني لهذا العام على استقراء واقع المشهد الإعلامي بعد ثورات الربيع العربي واستمرار الاحتجاجات الشعبية في بعض البلدان، وكيف انعكست على حال الحريات الإعلامية؛ كما يستعرض عمل شبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي والتي باشرت أعمالها منذ أيار 2012، وستشهر لأول مرة خلال أعمال الملتقى أول تقرير عربي موحد عن واقع حرية الأعلام في البلدان العربية.
ورأس مدير عام وكالة الأنباء الأردنية فيصل الشبول أعمال الجلسة الأولى من الملتقى تحت عنوان “المشهد الإعلامي بعد الربيع العربي بين التفاؤل والإحباط”، وقدم خلالها المتحدثون تشخيصاً للتغيرات التي شهدها الإعلام في الدول العربية بعد الثورات والاحتجاجات الشعبية، حيث قال وزير الإعلام الكويتي الأسبق سعد العجمي أن “المشهد الإعلامي تغير بعد الربيع من جانبين أن المهد الإعلامي لم تسيره الثورات العربية بل كان أحد محركيها لا سيما وسائل الإعلام الرقمية”.
وأضاف أن “الثورات ساهمت في تغيير نقل الخبر عن وسائل الإعلام التقليدية المرئي والمسموع حيث أصبح لهذه الوسائل حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لإنتاج الأخبار ونقلها سريعاً للجمهور”.
وتابع أن الجانب الآخر من القضية أن المشرع العربي أصبح يفكر بأطر قانونية تراقب تلك الوسائل الإعلامية الجديدة وممارسة السطوة عليها”، واختتم بالقول أن “الناس لم يعد ينطلي عليهم أن تنقل لهم غير الحقيقة”.
من جانبه قال رئيس تحرير صحيفة الوسط في البحرين منصور الجمري أن “الربيع العربي كان بين جانبين من الإعلام، إعلام الفيسبوك والتويتر وإعلام الفضائيات، حيث بدأت الثورات بتطلع شبابي عفوي انتقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى التقطته الفضائيات فأصبح نخبوياً له أبعاد وأجندات أخرى”.
وتابع بالقول “الجزيرة تصدرت المشهد بقوة بعد الثورة المصرية ودخلنا في خريف بعد الربيع لا سيما في دول الخليج، فحتى الجزيرة اختلفت طريقة تغطيتها لما يحدث في سوريا وليبيا عما يحدث في مصر وتونس، حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبح فيها اختراقات حولت اتجاهات الشباب من ديمقراطية إلى رجعية وطائفية في بعض الأحيان”.
وأشار إلى أن “هناك من يسجن في البحرين من أجل تغريدة بحسب قانون جنائي، فعملية معاقبة الكلمة أصبحت أسهل والتضييق وتوجيه الصحف زاد كثيرا وأصبح اعتيادياً”.
الكاتب والمستشار لجريدة الغد فهد الخيطان قال أن “الإعلاميون كانوا ضحايا في الربيع العربي، فعشرات من الزملاء سقطوا في تغطية المواجهات والعديد منهم ضحوا بحياتهم للقيام بواجبهم أغلبهم سقطوا في سوريا وليبيا”.
وأوضح الخيطان أن هناك فكرة هيمنت على أذهاننا في الربيع العبربي لا سيما أثناء الثورة المصرية أن الفيسبوك هو سبب الثورة، هذا الأمر صحيح لكنه غير كافي، وبمراقبة ما يتم تناقله الآن نجد أن اليوتيوب أصبح أكثر استخداماً، فالشكوك حول الروايات المكتوبة فيما يحدث في العالم العربي زادت، لذا أصبحنا نلجأ إلى الدليل القاطع وهو الصوت والصورة”.
وعبر مستشار مدير عام شبكة الجزيرة أحمد الشيخ بالقول أن “الاختلاف في وجهات النظر والجدل حول تغطية الإعلام للثورات أمر طبيعي وصحي يدل على أن الشارع في حالة تفاعل مع الحدث”.
وأكد الشيخ على أهمية اليوتيوب وفيسبوك مشدداً على ضرورة أن يكون هناك تدريب للإعلاميين حول كيفية التأكد من صحة ما يتم تداوله على وسائل الإعلام الجديدة”.
ويرى مدير مركز صحفيون متحدون في مصر سعيد شعيب أن “الحريات الصحفية تراجعت للخلف في أعقاب الثورة بل وعادت للمربع الوحشي، وأصبحت الاعتداءات البدنية والسحل والقتل والسجن أمراً يومياً وعادياً في مصر وأصبح التهديد بالقتل خبرا عاديا”، مشيرا إلى أن “باب التقاضي يكاد يكون مغلقاً أمام الصحفيين والإعلاميين”.
وأضاف شعيب أنه “تم دسترة الاستبداد، بمعنى منح المواد المقيدة للحريات بشكل عام، وحرية الصحافة والإعلام حصانة دستورية، فالدستور السابق كان يكفل هذه الحريات، وكانت القوانين تعطله، لكن الآن أصبحت محمية بنصوص دستورية”.
المدير العام للمركز الليبي لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان خيري أبو شاقور قال “في ليبيا هناك تحديات كبيرة تعكس طبيعة الدولة بسبب وجود ميليشيات مسلحة وجماعات تحاول فرض رأيها بقوة السلاح، والمشهد في ليبيا لا يمكن أن نصنفه إلا أنه أفضل بكثير عما كان قبل الثورة”.
ويناقش المشاركون في الجلسة الثانية التي يترأسها المذيعة والصحفية اللبنانية من تلفزيون المستقبل نجاة شرف الدين “السلطة السياسية بعد الثورة .. حليف أم خصم لحرية الإعلام”، وتتناول الجلسة عدة محاور أبرزها حرية الإعلام بين الشعار السياسي والتطبيق، وكيف تعاملت التيارات الإسلامية مع الإعلام بعد السلطة، وتعامل الأجهزة الأمنية مع المتغيرات الجديدة في السلطة والإعلام.
وأبرز المتحدثين في الجلسة وزير حقوق الإنسان الأسبق في المغرب محمد أوجار، والقيادي الإسلامي المحامي منتصر الزيات، الإعلامي السوري عمار القربي، عضو المجلس السابق في نقابة الصحفيين التونسيين زياد الهاني، الإعلامي حسن معوض من قناة العربية ومدير برامج مؤسسة طيبة للإعلام في السودان فيصل الصالح.
وخصصت الجلسة الثالثة والتي يرأسها الوزير والنائب الأردني الأسبق بسام حدادين لمناقشة قضية “الإعلام كمحرك للتغيير والانتقال الديمقراطي”، وتبحث في إمكانية حماية المجتمع من تغول الإعلام، وهل لعب الإعلام دوراً في ترسيخ المفاهيم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، ويتحدث بها السفير الهولندي في عمان بيت دي كليرك، والنائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي، الفنان والمخرج المصري خالد يوسف، المدير العام لمركز الدراسات والتأهيل لمعلومات حقوق الإنسان عزالدين الأصبحي، الإعلامية المصرية من قناة أون تي في أماني الخياط، مدير مكتب الجزيرة في أميركا اللاتينية ديمة الخطيب، رئيس فريق حقوق الإنسان وكسب التأييد CSP فادي القاضي ونقيب الصحفيين في كردستان العراق أزاد الشيخ.
وستتناول الجلسة الرابعة الانتهاكات الواقعة على الإعلام في العالم العربي بعد الربيع العربي، ويرأسها رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر د. علي المري، وسيتم خلالها عرض مشاهدات عن الانتهاكات الواقعة على الإعلام والصحفيين في العالم العربي، وعرضاً لشبكة “سند” وتقييمها لواقع الانتهاكات.
ويتحدث في الجلسة المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، منسق وحدة رصد في مركز تونس لحرية الصحافة الفاهم بوكدوس، رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين إبراهيم السراجي، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل شقفة، المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير في لبنان أيمن مهنا، مدير عام المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية “مدى” موسى الريماوي، رئيس مؤسسة حرية للحقوق والحريات الإعلامية خالد الحمادي، والمستشار الحقوقي لشبكة المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي د. محمد الموسى من الأردن.
ويبحث المشاركون في الجلسة الخامسة في إستراتيجية للدفاع عن حرية الإعلام في العالم العربي 2013 ـ 2015، ترأسها الإعلامية ومقدمة البرامج في قناة العربية ريما مكتبي، ويتحدث بها مدير مركز الدوحة للإعلام يان كولين، ووكيل نقابة الصحفيين المصريين الصحفية عبير السعدي، ورئيسة حملة الشارة الدولية لحماية الصحفي هدايت عبدالنبي، الباحثة في لجنة حماية الصحفية CPJ شيماء أبو الخير، رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان غشير بو جمعة، رئيس تحرير موقع Jo24 في الأردن باسل العكور وعضو المركز السوري للإعلام وحرية التعبير في سوريا يارا بدر، وينتقل الملتقى في جلسته الختامية لنشر إعلان عمان للمدافعين عن حرية الإعلام.
ويكشف تقرير حالة الحريات الإعلامية في العالم العربي بعنوان “حرية تحت الهراوات” والذي سيعلن عنه في اليوم الثاني من أعمال الملتقى عن أن الدول العربية تشترك بالمجمل بقواسم مشتركة على صعيد انتهاكات الحريات الإعلامية، وأن هذه الانتهاكات من النوع الجسيم والعمدي.
ويؤشر التقرير بوجه عام على أن “واقع الحريات الإعلامية في البلدان العربية واقع مرير، وأن الإعلاميين ما زالوا يعانون من القمع والبطش والملاحقة، ولم يعد يقتصر هذا القمع على الأجهزة الرسمية، ولكنه بات يشمل كذلك جماعات وأشخاصاً عاديين في ظل سكوت تام من قبل الدول، أو فشل عن وضع حد لذلك”.
وتضمن التقرير الذي وقع في 336 صفحة من القطع الكبير على رصد لأبرز الانتهاكات الواقعة على الصحفيين ومؤسسات الإعلام في الدول العربية، وطابع تلك الانتهاكات وأشكالها ومصادرها واتجاهاتها.
وسجل التقرير نحو 1690 حالة انتهاك رصدتها شبكة “سند” في مختلف الدول العربية شكلت بمجملها 30 شكلاً ونوعاً من أشكال الانتهاكات التي وقعت على الصحفيين والإعلاميين في العالم العربي والمؤسسات الإعلامية.
ويتولى مركز حماية وحرية الصحفيين في العاصمة عمان إدارة وسكرتاريا شبكة “سند” وبتنظيم ملتقى المدافعين الثاني إضافة إلى إدارة وتنسيق الإعداد للتقرير، فيما شارك بالعمل في الإعداد والتنسيق والتدقيق بالمعلومات الواردة في التقرير طاقم متكامل من راصدين وباحثين وحقوقيين.
من ناحية ثانية يعتبر مؤتمر معهد الصحافة الدولي IPI والذي يعقد تحت الرعاية الملكية السامية من أهم المؤتمرات الإعلامية الدولية والذي يعقد سنويا في دولة مختلفة ويجمع أكثر من 300 شخصية من قيادات الإعلام حول العالم وعدد من كبار الشخصيات السياسية، ويناقش التحديات التي تواجه حرية الإعلام والإعلاميين في كل مكان، وسيسلط الضوء هذا العام على التحديات التي ظهرت ما بعد الربيع العربي، وسيعقد المؤتمر تحت عنوان “توثيق المتغيرات وتمكين الإعلام”.