محيط-
يما يعد انتهاكا واضحا لمبادئ الشفافية والمكاشفة، وتعديا صارخا على حقوق الصحفيين في المعرفة وتداول المعلومات، قامت منظمة الصحة العالمية بمنع أكثر من 30 صحفيا من مختلف دول العالم من حضور اجتماعات المستوى الأعلى من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ الذي استضافته العاصمة الهندية نيودلهي في الفترة من 7 وحتى 12 نوفمبر الجاري، وقامت المنظمة – عن طريق رجال الشرطة – بطرد الصحفيين وتهديدهم بإلقاء القبض عليهم في حال إصرارهم على حضور الجلسات لمتابعة ما ستسفر عنه الاجتماعات.
بما يتنافى مع كل ما تروج له منظمة الصحة العالمية من سعيها الدائم لتحقيق أهدافها النبيلة في اتخاذ قرارات وإجراءات تقضي على التدخين، وتحد من انتشاره على مستوى العالم، وبما يفقدها أيضا المصداقية لدى دوائر الإعلام الدولية ويفتح الباب على مصراعيه للتساؤل عن الأسباب الحقيقية لرفض المنظمة حضور الجمهور والصحفيين لهذه الاجتماعات التي تعد هي الأهم على الإطلاق في مجال مكافحة التدخين، نظرا لما يصدر عنها من قرارات وتوصيات للدول الأعضاء في الاتفاقية، الأمر الذي يضع في النهاية علامة استفهام كبيرة وسؤالا أهم هو طالما كانت الأهداف نبيلة ومجردة، لماذا إذن تمنع منظمة الصحة العالمية الجمهور والصحفيين من حضور هذه الاجتماعات، بل يصل الأمر إلى طردهم وتهديدهم بالقبض عليهم؟ ماذا يحدث داخل هذه الاجتماعات؟.
إن إجراء المنع الذي اتخذته منظمة الصحة العالمية بحق الصحفيين يعد الثالث من نوعه، بعد أن منعتهم من حضور مؤتمرين لأطراف الاتفاقية في موسكو وسيول، عامي 2012، 2014 وقامت بتهديدهم أيضا، وهو ما أكده الصحفي الأمريكي درو جونسون الذي نشر على موقع Scroll.in (أحد أشهر المواقع الإلكترونية الهندية المعنية بمتابعة الأخبار والمعلومات السياسية والاقتصادية والثقافية الأكثر أهمية للهند) مقالاً يتساءل فيه عن أسباب إبقاء الصحفيين خارج هذاالاجتماع؟ سرد خلاله ما حدث له في المؤتمرات السابقة، قائلا “عوضاً عن إجراء تصويت حول حظر الصحفيين من الحضور، قرر مسئولو منظمة الصحة العالمية ببساطة أن الصحفيين لم يعودوا موضع ترحيب داخل هذه الاجتماعات، وعندما حاولت حضور إحدى الجلسات قبل إعلان قرار الحظر، قيل لي أنه سيتم إلقاء القبض عليَ إذا بقيت – على الرغم من أنني أحمل أوراق اعتمادي كصحفي ولي كل الحق في الحضور – وقام حارس أمني ضخم بإمساكي من ذراعي وإخراجي من قاعة الاجتماعات “.
ناشد الصحفي الأمريكي درو جونسون منظمة الصحة العالمية بمزيد من الشفافية، من أجل تشجيع وحث الدول على الحد من استهلاك التبغ، مطالبا منظمة الصحة العالمية ومؤتمر الأطراف (COP 7) أن يثبتوا أنهم شركاء يمكن الوثوق بهم وأنهم بالفعل يشعرون بالقلق إزاء الصحة العامة ويقومون بكل ما يلزم لخدمة مصلحة الجمهور. ولن يكون ذلك ممكناً أبداً حتى يحترم مؤتمر الأطراف حرية الصحافة ويعمل بشفافية ويخضع للمساءلة، بعدها قام جونسون وعدد آخر من الصحفيين الذين كان ينوون حضور المؤتمر، بالتغريد حول تطورات الموقف.
اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (COP) هي معاهدة وقعتها الدول الأعضاء بغرض التعامل مع الأمراض العالمية المتعلقة بالتبغ، والاجتماع الذي عقد مؤخرا في الهند هو النسخة السابعة ضمن سلسلة الاجتماعات الدورية للاتفاقية، وقامت الدول الأعضاء خلال الاجتماع بطرح ومناقشة كافة القضايا ذات الصلة بالتبغ مثل ضرائب التبغ، والإعلان عن منتجات التبغ، والإتجار غير المشروع فيه.