رغم قانونية الطلب الحكومي الاردني من الصحف اليومية والأسبوعية الاردنية تزويدها بموازناتها السنوية، إلا انه يكشف عن مزاجية الحكومة في تطبيقها للقوانين وتقصيرها في تفعيلها سيما وانه الطلب الأول من نوعه منذ عام (1998) رغم انه نص قانوني منذ أكثر من عشر سنوات في قانون المطبوعات والنشر. وعندما بدأت الصحف وتحديدا الأسبوعية تنفيذ القرار خلقت حالة من التشابك المتوقع بين أشكال تطبيق القرار كون هذه الصحف لم تعتد على إعداد مثل هذه الموازنات إضافة إلى ان القرار كشف حالات تعثر مالية خطيرة في عدد من الصحف تبين في بعضها أنها لا تملك بالأساس موازنات.
هذه التحديات تستدعي ثورة مهنية ، وبالتالي فان القرار منطقي إلى حد كبير ولا أحد لا ينكر ذلك سيما وان عدد الصحف التي تقدمت حتى الآن بموازناتها إلى دائرة المطبوعات و النشر فقط عشر صحف ستة منها فقط أسبوعية من اصل أكثر من خمس وعشرين صحيفة أسبوعية ، لكن سؤالنا المشروع هنا لماذا انتظرت الحكومات كل هذا الوقت لتطبيقه ، ولماذا الآن تحديدا؟؟ هل للأمر علاقة بحملة الهجوم التي تشنها الحكومة على الصحف الأسبوعية كونها الأكثر تضررا من تطبيق القرار؟؟ أسئلة عديدة تصاحب القرار وبالطبع إجابة الحكومة الواضحة على كل ذلك أنها تطبق القانون وعلى الجميع الالتزام بذلك لاحتياجات تنظيم المهنة.
وبينما تتفاوت الآراء بين مؤيد ومعارض للقرار تتجه الأنظار إلى الخطوات الرسمية التي ستلي تطبيقه، في ظل جدية الحكومة بتطبيق القانون بحرفية حازمة بمعنى أنها ستعالج الخلل الموجود في الشارع الصحفي في حال تم اكتشاف أية مخالفات قانونية مالية تبدأها بتوجيه إنذارات لكل المؤسسات المخالفة يليها إجراءات حازمة.
مديرعام دائرة المطبوعات و النشر بالوكالة أحمد القضاه أكد ان الدائرة استلمت بالفعل حتى الآن عددا من موازنات الصحف وتحديدا اليومية التي باشرت وفور استلامها كتابنا بتزويدنا بموازناتها ، بينما تقدمت صحف أسبوعية بموازناتها لكن ما زال هناك صحف لم تقدم موازناتها.
وشدد القضاة على ان هذا الإجراء قانوني والكل ملتزم بتطبيق القانون فقد نص قانون المطبوعات و النشر رقم (8) لعام 1998 ” على كل مطبوعة صحفية ان تزود الوزير بموازنتها السنوية خلال الأربعة اشهر الأولى من كل عام عن السنة المنتهية” ونحن الآن نطبق القانون، مبررا تأخر الحكومات بتطبيق القرار خلال الأعوام السابقة بان الوضع الإعلامي كان له اولويات خلال تلك السنوات أكثر أهمية من موضوع طلب موازنات الصحف ، رافضا اعتبار ما حدث تقصيرا حكوميا.
و أكد القضاة انه ليس للقرار أي أسباب غير واضحة سوى انه تطبيق للقانون، كما انه ليس مربوطا بأي مواقف على الإطلاق فالأمر مجرد تنفيذ للقانون، مؤكدا ان الدائرة ستتابع تطبيق القرار حماية وتنظيما للمهنة إضافة لحرصها على حقوق ومصالح العاملين بالصحافة، وستتخذ الإجراءات القانونية بحق أي مخالفات بهذا الإطار.
نقابة الصحفيين
بدوره أكد نقيب الصحفيين طارق المومني ان القرار يأتي في إطار تنظيم المهنة، ويعتبر خطوة قانونية يتوجب على كل مطبوعة ان تزود الحكومة بموازنتها و بالطبع ما يحدث يعتبر مؤشرا واضحا على الحكمة وضرورة تنظيم المهن و حماية حقوق العاملين فيها.
وأكد المومني ان نقابة الصحفيين و منذ سنوات طويلة بحثت هذا الملف حتى ان احد المجالس السابقة كان قد طالب بضرورة ان يكون لكل صحيفة أسبوعية كفالة بنكية لحماية حقوق العاملين بهذ الصحف ولكثرة الشكاوى التي تتقدم للنقابة من العاملين في الصحف الأسبوعية لعدم تحصيلهم حقوقهم المالية منها.
وقال المومني: للأسف ان القرار كشف حالات مالية متعثرة في عدد من الصحف كما انه كشف صعوبة استمرارية صدور صحف في ظل أوضاعها المالية السيئة، مشيرا إلى ان الحكومة ستطبق القانون من خلال توجيه إنذارات لتصويب أوضاع هذه الصحف كما انه سيلحق عدد من الصحف المخالفة دفع غرامات مالية بحسب القانون.
من الجانب القانوني أكد رئيس الجمعية العربية لحقوق الإنسان في الأردن المحامي هاني الدحلة ان الالتزام بتطبيق القرار أمر ملزم لكل الصحف كونه يأتي بموجب نص قانوني ، لكن ما يثير الجدل هنا هو اختيار الحكومة لهذا الوقت بالتحديد لتطبيق القانون الأمر الذي يجعلنا نرى في تطبيقه الآن نوعا من أنواع الضغط على الصحافة الأسبوعية كونها المتضررة من مثل هذا الأمر.
وقال الدحلة تطبيق القانون أمر مفروض على الجميع لكن الواضح ان ما يحدث الآن في الشارع الصحفي مجرد نوع من الضغط ومحاولة تخويف نوع معين من الصحافة ، لكن ما دام النص واردا في القانون بضرورة تقديم الموازنة فان الأمر ملزم أيا كانت أهدافه !!
الصحافة الأسبوعية .
بالطبع بعض الصحف الأسبوعية الأكثر تضررا من تطبيق القرار كونها لم يسبق لها تطبيق مثل هذه الإجراءات إضافة إلى اعتراف عدد منها بان موازناتها ضعيفة ، لكن في الوقت نفسه هناك إجماع على ان هذا القرار المقصود به توجيه ضربة حكومية للصحافة الأسبوعية ، وحق يراد به باطل.
رئيس تحرير صحيفة “المجد” الأسبوعية فهد الريماوي أكد بدوره ان القرار يأتي في إطار فكرة حكومية خبيثة للتضييق على الصحافة الأسبوعية تحديدا وان كانت تأتي في إطار قانوني لكن في حقيقة الأمر هو حق يراد به باطل!!
وقال الريماوي ان الإصلاح يجب ان يأتي من داخل البيت الصحفي وليس من خلال إجراءات حكومية غير مبررة بحجة تنظيم المهنة لان هذه القرارات والإجراءات لا علاقة لها بالتنظيم لا من قريب ولا من بعيد، مؤكدا ان كل الصحف الأسبوعية مع التنظيم لكن وفق أسس سليمة تأتي من نقابة الصحفيين و المجلس الأعلى للإعلام، نحن مع الإصلاح لكن ليس بهذه الطريقة.
نضال منصور رئيس مركز حماية حرية الصحفيين وناشر صحيفة “الحدث” الأسبوعية أكد ان القرار يأتي في إطار تدمير الحرية الصحفية سيما وان لكل مؤسسة صحفية موازنات معتمدة لدى وزارة الصناعة ، لكن الواضح ان الموضوع لا يخدم المهنة و لا علاقة له بتطويرها أو تنظيمها و الواضح ان الهدف ليس حماية المهنة و العاملين بها بقدر ماهو خطوة نحو ترتجع الحريات الصحفية.
وأشار منصور إلى ان أي تعثر مالي أو مخالفات مالية في أي مؤسسة صحفية تتابع بشكل مستمر من مراقب الشركات الأمر الذي يؤكد ان أمورنا المالية في معظم المؤسسات الصحفية متابعة أولا بأول و هذه الإجراءات من صلاحيات جهات مختصة و ليس من صلاحيات الحكومة.
و طالب منصور نقابة الصحفيين بضرورة القيام بدورها في مثل هذه الأمور وإعداد دراسات خاصة بالصحف الأسبوعية من حيث مضمونها و موازناتها ومصادر دخلها و مدى التزامها بأخلاقيات المهنة بدلا من ترك هذه الأمور للتقييم الحكومي بين الفترة والأخرى.