Skip links

ندوة في القاهرة: العرب يتعرضون لـ 2500 مادة إعلانية يومياً

الإعلام والإعلان، هل الفارق بينهما أكثر من حرف، أم أن الفارق بينهما هو ما بين السماء والأرض، وماذا عن المواد التي تقدم على أساس انها اعلامية فيما هي اعلانية. الفارق كبير، لكن البعض يفضلون وضع المشاهد في اشكالية وحيرة، هذا هو ما أكدته ندوة الاعلام والاعلان التي عقدت على هامش مهرجان الإذاعة والتلفزيون في القاهرة الأسبوع الماضي. الندوة التي قدمتها إيناس جوهر رئيس الإذاعة المصرية التي قالت ان العلاقة بين الاعلام والاعلان متشابكة، ومتداخلة في كثير من تفاصيلها، فثمة ما يمكن وضعه على اعتبار أنه اعلام، وهو ليس كذلك، وثمة ما يمكن اعتباره اعلاناً، وهو ليس كذلك أيضا، فالعلاقة مركبة في العديد من نواحيها، ولا يمكن في أحيان كثيرة فصلهما عن بعضهما بعضا وأضافت جوهر لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن الاعلام الجيد هو الذي يجذب الاعلان ويرفع من شأن القنوات والمحطات والعكس، مشيرة إلى أن المشاهد في النهاية يحتاج إلى التركيز الشديد في عرض مضمون الموضوع والبساطة بعيداً عن التعقيدات الموغلة ويجب على العاملين في مجالات الاعلام المختلفة، الاذاعة، أو التلفزيون أو الصحافة ادراك أهمية التركيز على الشباب بوصفهم أكثر الفئات العمرية والطبقية مشاهدة وانجذاباً للصورة الإعلامية والإعلانية، وذلك لأنهم هم القاعدة الأكبر التي تستقبل الرسالة الاعلامية، وهو الأمر الذي يتطلب معه اجراء العديد من الدراسات التي تدور حول احتياجات ومتطلبات هذه الفئة ومن ثم توجيه الرسالة الاعلامية لخدمتها.
لكن الدكتور سامي عبد العزيز الأستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة تحدث عن جانب آخر في الاعلان، فهو يرى أنه يناقش مختلف القضايا التي تهم المجتمع بشرائحه المختلفة، فنحن نراه يأخذ في اعتباره القضايا الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية، وهو فن وعلم معاً.

وتساءل الدكتور عبد العزيز حول العلاقة بين الصحافة والاعلان ومدى خضوع الصحف لاغراء المال؟ السؤال الذي طرحه عبد العزيز أجاب عنه قائلاً: الصحف الضعيفة فقط هي التي تخضع لرغبات وميول المعلن وتتناسى المادة الصحافية مشيراً إلى أنه قد تختلف الآراء حول الاعلان فهناك من يتهمه بافساد الذوق بينما يرى آخرون أنه يساعد على الارتقاء بالذوق العام وهناك من يرى أنه يسهم في هدم اللغة باستخدام مصطلحات تنتمي إلى لغات أخرى والاعلان هو فن راق ولا تكمن المشكلة فيه بقدر ما تكمن في المعلن الذي يفرض شروطه بـ«فلوسه» ثم يأتي دور الوكالة الاعلانية في تنفيذ مطالب المعلن. وأضاف أن افتقار العالم العربي إلى مؤسسات تدرس الاعلان بأسلوب علمي هو السبب في تداخل الاعلام والاعلان، مشيراً إلى أن الاعلان إذا ما خرج من قلب وعقل فاسدين فمن الطبيعي أن يفسد المستمع أو المتلقي والعكس صحيح.

خليل الزوادي سفير البحرين بالقاهرة أعرب عن استيائه لما يراه من تدن في مستوى الابداع الاعلامي والاعلاني في الوطن العربي مؤكداً أن الاعلان لا يقل أهمية عن الاعلام، خاصة في ظل الظروف الحالية التي يمر بها المجتمع العربي وقال إننا في حاجة إلى توثيق العلاقة فيما بينهما، وذلك لأن الاعلام الجيد الموجه يساهم في تدعيم وتوجيه المجتمع ويعد من الاعلانات البناءة، في ظل التفرقة المعهودة بين الاعلان التجاري الذي يسعى للترويج لسلعة معينة، والاعلان القومي الذي يهتم بعرض قضية من القضايا القومية ويحرص على مناقشتها، وأضاف الزوادي أن الاعلان الجيد الهادف في النهاية يحتاج إلى تكاليف باهظة وهو الأمر الذي يدعو بعدد من المحطات الفضائية إلى الانصياع وراء رغبات المعلن لهثاً وراء المادة.

وأكد الزوادي أن الحكومات العربية لو استطاعت أن توفر مصادر مالية ثابتة للمؤسسات الاعلامية لتغير مستوى الاعلانات بشكل كبير، وهذا الأمر يسهم في احداث تغييرات جادة في الاعلام العربي.

وقال الزوادي ان الاعلام يناقش القضايا الساخنة كالانتخابات والوعي السياسي وكذلك القضايا الاجتماعية مثل حقوق المرأة والطفل، أما الاعلان فيقوم على تسويق الفكرة أو المعلومة مشيراً إلى أن العلاقة المتبادلة بين الاعلان والاعلام أو أي وسيلة اعلامية لا يمكن أن تستمر بدون اعلان مؤكداً أن هناك تحديات تواجه الاعلان منها تطور المادة الاعلامية وحجم المشاهدة وأخلاقيات التعامل مع المواد الاعلامية.

أما الصحافية بهيرة مختار نائب رئيس تحرير الأهرام فقد تناولت استخدام المرأة والطفل في الترويج الاعلاني، وأوضحت أن الاعلام يتجاهل بعض المشكلات الاجتماعية مثل قضايا المرأة رغم وجود اهتمام نوعي بها عبر الجمعيات والمجالس التي تناقش قضايا المرأة والطفل. وأشارت مختار إلى عدم وجود برنامج متخصص يناقش قضايا المجتمع وطالبت بانتاج برامج تتعامل مع هذه القضايا الشائكة.

الكاتب السوري عمار الكسان طالب بفرض الرقابة على الاعلان وذلك بوضع معايير واضحة لتقييم جودة الاعلان مع خضوعه للرقابة على المصنفات الفنية وقال انه عندما تتداخل العلاقة بين الاعلان والاعلام فإن الاعلام يواجه العديد من التحديات وبالتالي تجب المحافظة على استقلالية العلاقة فيما بينهما، وأشار إلى أن أخطر ما يحدث في الآونة الأخيرة هو تحديد الاعلان أو ما يطلق عليه الاعلان الحقيقي الذي يختفي خلف الكثير من القناعات الاعلامية ولنضرب مثالاً على ذلك بأغاني الفيديو كليب وذلك لأنها ببساطة اعلان حقيقي عن ألبوم جديد لأحد المطربين يستغل فيه المشاهد بعناصر الجذب المختلفة الأمر الذي يدفعه إلى شراء الألبوم بدون تركيز.

وأشار الكسان إلى تخوفه من خطورة اقتحام الاعلان مجال البرامج الاجتماعية بشكل يفقد المادة الاعلامية مصداقيتها، وأكد على أن قطع الاعلان لأي مادة درامية يعد رسالة مضادة تقوم بالتشويش على العمل مشيراً إلى وجود مؤامرة لالغاء الفوارق بين الاعلام والاعلان خاصة مع تعرض المشاهدين العرب لحوالي 2500 فقرة اعلانية يومياً وقال ان الأزمة تزداد خطورة عندما تكون للاعلان رسالة مضادة للاعلام وبنفس القناه فعندما تتضاد الرسالتان يفقد المتلقي مصداقية الرسالة الاعلامية التي تعرضها القناه الأمر الذي ينعكس عليه مدى قابلية استقباله للرسالة الاعلامية.

وقال رمزي رعد الرئيس التنفيذي لشركة TBWAللاعلان بدبي ان تاريخ الوطن العربي لم يشهد أي قدر من حرية الاختيار والتنقل بين القنوات المختلفة أمام المشاهد كما هو الآن، الأمر الذي سيجعل الاعلام الحكومي في الوطن العربي في أزمة، وذلك لأن الاعلان سيحتاج إلى أكبر عدد من المشاهدين ولا سيما أن المشاهد ينجذب بشكل أكبر للقنوات الخاصة التي تتيح مساحة أكبر من الحرية للمناقشة والحوار، وهو ما تفتقده القنوات الحكومية وبالتالي سيهجرها الاعلان وستتعرض لأزمات مادية ضخمة تقع على عاتق الحكومات وهو ما يجعلنا نطالب بضرورة النظر إلى تدعيم الاستثمارات العربية في المجالات الاعلانية لأن آخر الاحصاءات العامة أثبتت تدني مستوياتها مقارنة بالاستثمارات العالمية.