الاستثنائي أمس بالقاهرة وثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية، فيما تحفظت
قطر على الوثيقة، مطالبة بعرضها على الجهات التشريعية لديها قبل الموافقة عليها،
لكن الوزراء رفضوا استناداً إلى أن الوثيقة ليست معاهدة تتطلب تصديق البرلمانات
عليها. وعلق محمد المالكي القائم بالأعمال القطري في القاهرة ورئيس وفد قطر أنه «مع
احترام بلاده لجهود الخبراء واللجنة الدائمة التي وضعت الوثيقة فإنها ما زالت
بحاجة لمزيد من الدراسة وعرضها على المجلس التشريعي»، فيما أفاد السفير محمد
الخمليشي مساعد الأمين العام لشؤون الإعلام أن وثيقة البث لا تحتاج للعرض على
الجهات التشريعية لأي دولة عربية، لأنها ليست اتفاقية أو معاهدة، وهنا أصبحت قطر
أمام خيارين وفقا لميثاق الجامعة العربية، إما الموافقة أو التحفظ ولكن الوزير
القطري اختار التحفظ وتم إدراجه في القرار الذي صدر عن الاجتماع الاستثنائي لوزراء
الإعلام العرب.
إلى ذلك، كلف الوزراء اللجنة الدائمة للإعلام
العربي وضع آلية لتنفيذ الوثيقة، فيما أشار وزير الإعلام المصري إلى وجود أفكار
بإنشاء (مفوضية للإعلام)، أو (هيئة)، أو تطوير عمل اللجنة الدائمة للقيام بهذا الدور.
وتتضمن الوثيقة 12 بنداً من أبرزها وأهمها
البند السادس الذى يطالب بإعادة المعايير والضوابط المتعلقة بالعمل الإعلامي، هي
احترام كرامة الإنسان وحقوق الآخر في كل أشكال ومحتويات البرامج والخدمات
المعروضة، واحترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور،
والامتناع عن بث أشكال التحريض على العنف والإرهاب مع التفريق بينه وبين الحق فى
مقاومة الاحتلال، وكذلك الامتناع عن وصف الجرائم بانها تنطوى على البطولة، ومراعاة
أسلوب الحوار وآدابه واحترام حق الاخر فى الرد، وحماية الأطفال من كل ما يمس نموهم
البدني والذهني والأخلاقي، أو يحرضهم على الفساد، والالتزام بالقيم الدينية
والاخلاقية للمجتمع العربى والامتناع عن كل ما يسيء إلى الذات الإلهية والأديان
السماوية والرسل والمذاهب والرموز الدينية والامتناع عن بث مشاهد أو حوارات إباحية
أو جنسية صريحة. من جانبه أكد وزير الثقافة والإعلام إياد مدني رئيس وفد المملكة
العربية السعودية أن وثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية وثيقة متقدمة
وأنها جاءت لتلبي احتياجا طال انتظاره وتأتي لتعبر عن مرحلة نضج في العمل الإعلامي
العربي المشترك.
وقال وزير الإعلام السعودي في كلمته أمام
الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء الإعلام العرب أمس إن المملكة العربية السعودية
كانت من الدول التي بادرت الى طرح هذا الأمر على اجتماع وزراء الإعلام العرب قبل
نحو عامين انطلاقا من قناعتها بان المنطقة العربية تكاد تكون المنطقة الوحيدة من
مناطق العالم شرقه وغربه عالمه الأول وعالمه الثالث شماله وجنوبه التي تخلو من
تشريعات ومعايير يحتكم إليها وتنظم مجال الإعلام المرئي والمسموع. وأضاف «ان
الإعلام العربي قد مر بمراحل لا تختلف في جوهرها عن تطور مفاهيم الإعلام عالميا
ومررنا بمرحلة هيمنة الدوغما والرأي الواحد والترويج الآيديولوجي واختزال مفهوم
الناس وأطياف المجتمع في فهم واحد». وأشار إلى أن الوثيقة تسعى لأن تجعل من حرية
التعبير ممارسة عامة تحافظ على أصالة المجتمع وتراثه وقيمه واستقلاله ووحدته،
وتكرس مفاهيم التفاعل مع العصر وتمكين المواطن العربي من الحصول على المعلومة
والمنافسة الحرة في مجال خدمات البث واحترام حرية التعبير الواعية والمسؤولة
واحترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور والامتناع عن
التمييز القائم على أساس الأصل العرقي أو اللون أو الجنس أو الدين، كما تعي
الوثيقة أهمية الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي وصون الهوية
العربية من التأثيرات السلبية للعولمة. وقال «آن الأوان لوضع أساس البنية
التنظيمية التي ترعى كل المفاهيم المتقدمة التي تطرحها وثيقة مشروع المبادئ. ونحن
بهذا نلحق ببقية العالم بما في ذلك أقاليمه الأكثر انفتاحا وتعددية واحتراما
لاختلاف الرأي والتنوع تحمي حرية التعبير وتصون قيم المجتمع أي مجتمع وتحمي وعيه
في ذات الوقت».
كما عقد وزير الاعلام المصري أنس الفقي مؤتمراً
صحافياً أوضح خلاله «أن مسألة التحفظ القطري، ليست موقفاً سياسيا» موضحاً أن قطر
طلبت تأجيل الموافقة لحين عرض الوثيقة على الجهات التشريعية بها. ورداً على سؤال
لـ«الشرق الأوسط» حول احتمالات سيطرة الحكومات على الفضائيات الخاصة لإلزامها
بالوثيقة، بالنظر إلى ارتفاع أصوات الفضائيات الخاصة بالمقارنة مع الفضائيات
المملوكة للدول، قال الفقي «إن هناك اقتراحا بإنشاء آلية لتنفيذ الوثيقة، كأن تكون
هناك (مفوضية للإعلام)، أو (هيئة)، أو تطوير أعمال اللجنة الدائمة للإعلام للقيام
بمهمة التنسيق مع الفضائيات الخاصة من أجل الحفاظ على العادات والتقاليد العربية».
وأضاف الفقي «أن مصر سوف ترسل الوثيقة إلى مجلس إدارة المنطقة الحرة للإعلام
وللشركة المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات) من أجل التنفيذ والالتزام بها». وأضاف
«أن هذه الوثيقة سوف تكون جزءًا ملحقاً بالعقود المبرمة مع الفضائيات الخاصة»،
مشددا على ان الوثيقة لا تحد من الحريات، وإنما تنظم البث وتمنع التجاوزات. وكان
الفقي قد أشار في كلمته أمام الاجتماع إلى أن وزراء الإعلام العرب مطالبون أمام
شعوبهم بأن تكون لهم وقفة جادة أمام ما يشهده الإعلام العربي الفضائي من تحولات
خطيرة، معتبرا ان «بعض القنوات الفضائية خرجت عن مسارها الصحيح وعلينا أن نعترف
بأن هناك تجاوزات حدثت وتحدث على مدار الساعة تستوجب أن يكون لنا وقفة جادة نتحمل
فيها مسؤوليتنا أمام شعوبنا ونتأكد من أن صناعة الإعلام في عالمنا العربي قادرة
على النمو والازدهار وتحقيق اقتصاديات متوازنة دون المزايدة على قيم ومثل المجتمع
العربي أو الخروج عن أعرافه وتقاليده».