القدس العربي-
وجهت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في موريتانيا أمس إنذاراً لقناة «المرابطون» التلفزيونية المحسوبة على الإخوان المسلمين، وأوقفت لمدة شهر برنامج «في الصميم» الحواري المشاهد على نطاق واسع الذي تبثه القناة والذي يعده الصحافي الشهير أحمدو ولد الوديعة.
وأكدت السلطة العليا للسمعيات البصرية «الهابا» في رسالة لمجلس إدارة القناة «أن قناة «المرابطون» تبث برامجها بناء على رخصة الاستغلال التي منحت لها على أساس من الشروط الجوهرية التي التزم بها موفر الخدمة كمقابل للرخصة من بينها استقلالية الخط التحريري و التوازن في نقل الخبر والحياد تجاه تيارات الفكر والرأي في المجتمع والالتزام بولوج كافة الآراء سواء كانت دينية أو سياسية أو ثقافية بشكل منصف، وهذه الالتزامات مسطرة في دفتر الالتزامات بشكل صريح وواضح ولا يدع أي مجال للتأويل».
«إلا أنه و بعد مدة طويلة من المرونة والتشاور والتوصيات، تضيف السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، مع المسؤولين في القناة تبين بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء المسؤولين لا يستطيعون أو لا يريدون الوفاء بمثل هذه الالتزامات».
وقدمت السلطة العليا نماذج من انتقاداتها على القناة بينها «قطع القناة لمسطرتها البرامجية لبث أخبار متعلقة بما سمي حينه «بأحداث المصحف الشريف» وقامت القناة خلال أربع وعشرين ساعة بكافة أشكال التحريض وبث الأخبار المغلوطة والمغرضة حول هذه الحادثة».
ومن الانتقادات التي استند إليها القرار تخصيص القناة حلقة من برنامج «دائرة الضوء» لمناقشة مطالبة إحدى الحركات بانفصال جزء من التراب الوطني الموريتاني».
وانتقدت السلطة العليا «استضافة القناة في نشرتها ليوم 7 اكتوبر 2015، لشاب قال بالحرف الواحد إن النظام الموريتاني يشارك في جرائم الاغتصاب بواسطة أشخاص يلبسون بذلات عسكرية، و لم يثر هذا الاتهام الخطير انتباه مقدم النشرة ولم يطلب من الضيف أي دليل على ادعائه».
وركزت السلطة انتقاداتها على حلقات من برنامج «في الصميم» وبخاصة حلقته التي اتهم فيها ضابط سابق مستضاف في البرنامج بعض الضباط الموريتانيين ذكرهم بالأسماء بقتل زملائهم»، وحلقته التي طرح فيها مدير البرنامج سؤالاً على ضيفته الأجنبية حول مفهوم ما أسماه «دولة البيظان»، وأشفع هذا المصطلح بأن النظام الموريتاني ينكر وجود العبودية مع أنها موجودة حسب قول الصحافي.
هذا وقد اكتفت قناة «المرابطون» بنشر جرد بأسماء من استضافتهم القناة منذ تأسيسها مؤكدة «أن عدد الذين استضافتهم قناة «المرابطون» الخاصة في برنامج «المشهد اليومي» والنشرة الاخبارية المسائية» بلغ 1200 ضيف بينهم رموز بالأغلبية والمعارضة وبعض الكتل المستقلة والنقابات العمالية والشبابية وكبار الباحثين».
وأكدت القناة «أنها استضافت فى برامجها أبرز رموز الأغلبية الداعمة للرئيس كما استضافت أبرز رموز المعارضة الموريتانية المناوئة له، وقادة المركزيات النقابية والتجمعات الشبابية الداعمة للرئيس والمعارضة له».
وندد مجلس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في بيان وزعه أمس بقرار «تعليق «برنامج في الصميم»، مع استنكاره «لكل أنواع المصادرة والتضييق على وسائل الإعلام».
ودعا المجلس رابطة الصحافيين إلى التراجع عن القرار المذكور، وتمكين القناة من بث برنامج «في الصميم» وسائر برامجها، وفقا لمسطرتها البرامجية المعهودة»، مؤكدا «تضامنه الكامل مع قناة «المرابطون» إدارة وعمالا، ومشددا على «التشبث بالدفاع عن حق كل قناة تلفزيونية أو أي وسيلة إعلامية أخرى في التمسك بخطها».
وفي بيان آخر أكدت رابطة الصحافيين الموريتانيين «أنها تلقت باستياء كبير قرار السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية توجيه إنذار الى قناة «المرابطون» ووقف بث البرنامج الحواري «في الصميم».
«لم يكن هذا القرار التعسفي، تضيف الرابطة، مفاجئاً لنا بالنظر الى سلسلة المضايقات والاجراءات التى تستهدف حرية الصحافة والصحافيين منذ أشهر والتي سبق وأن نبهنا إلى خطورتها».
وأكدت الرابطة «أنه أمام الاستهداف الممنهج للمكاسب التي حققتها موريتانيا في مجال حرية التعبير والصحافة فإن الهيئات الصحافية مطالبة اليوم بتحرك فاعل يتجاوز بيانات التنديد لحماية المهنة».
ودعت رابطة الصحافيين الموريتانيين «السلطة العليا للصحافة للتراجع عن الإجراءات المتخذة ضد قناة «المرابطون»، والتشاور مع الهيئات الصحافية والمؤسسات الإعلامية حول سبل تعزيز مهنية الاعلام الوطني وتطوير مؤسساته».
وكان تعليق أحمدو ولد الوديعة معد برنامج «في الصميم» على قرار السلطة العليا مقتضباً حيث أكد على صفحته «أنه اطلع الآن على بيان «الهابا» مضيفاً قوله «شعرت بالتعاطف معها فهي مكرهة لا بطلة، وأحسست بسوط وأشياء أخرى تظلل قلم كاتب البيان المهيض، بودي لو علقت على مضمونه لكن حالة التعاطف الحادة مع هؤلاء المكرهين ما زالت تمنعني من ذلك».